الأربعاء، 11 يونيو 2014

مذكرة التخرج : التحويل المصرفي

خطة البحث 
مقدمة
مبحث تمهيدي : القواعد العامة للحسابات المصرفية
        المطلب الاول : ماهية الحسابات المصرفية
                 الفرع الاول : تعريف الحساب
                الفرع الثاني : انواع الحسابات
المطلب الثاني :  فتح الحساب
                الفرع الاول :  عقد فتح الحساب
الفرع الثاني : شكليات فتح الحساب
الفرع الثالث :تعدد الحسابات المفتوحة لشخص واحد
الفرع الرابع : الحساب المشترك
الفرع الخامس : الحسابات بين البنوك
       المطلب الثالث : سير الحساب 
                الفرع الاول :القيد في الحساب
الفرع الثاني : فوائد الحساب
المطلب الرابع : قفل الحساب
            الفرع الاول : التمييز بين الحساب المرصد و الحساب المقفل ووقف الحساب
              الفرع الثاني : اسباب قفل الحساب
             الفرع الثالث : اثار قفل الحساب
المبحث الثاني : التحويل المصرفي
      المطلب الاول : ماهية التحويل المصرفي
               الفرع الاول : تعريف التحويل المصرفي
الفرع الثاني : الطبيعة القانونية لعملية التحويل المصرفي
المطلب الثاني : اجراء التحويل المصرفي
 الفرع الاول :  امر التحويل المصرفي
الفرع الثاني : تنفيذ امر التحويل المصرفي
الفرع الثالث : مكان وتاريخ تمام التحويل المصرفي
 المطلب الثالث : اثار التحويل المصرفي
الفرع الاول : اثار التحويل المصرفي في العلاقة بين البنك و العميل الامر
الفرع الثاني : اثار التحويل المصرفي في العلاقة بين الامر و المستفيد
الفرع الثالث : اثار التحويل المصرفي في العلاقة بين البنك و المستفيد
 المطلب الرابع : مسؤولية البنك عن تنفيذ التحويل
الفرع الاول : المسؤولية عن التحويل بطريق الغلط وعن التاخير في التنفيذ
 الفرع الثاني : تنفيذ امر النقل المزور
المبحث الثاني : الحساب الجاري
       المطلب الاول :  ماهية الحساب الجاري
               الفرع الاول : تعريف الحساب الجاري
الفرع الثاني :خصائص الحساب الجاري
الفرع الثالث : شروط المدفوعات في الحساب الجاري
الفرع الرابع : صور الحساب الجاري
     المطلب الثاني : اثار الحساب الجاري
              الفرع الاول : التجديد
الفرع الثاني : التجزئة
الفرع الثاني : الفوائد
المطلب الثالث : قفل الحساب الجاري
           الفرع الاول : اسباب قفل الحساب الجاري 
          الفرع الثاني :  اثار قفل الحساب الجاري
الخاتمة
المقدمة
العمليات المصرفية هي مظهر من مظاهر النشاط المالي الذي تمارسه البنوك او المصارف.
يقصد بالعمليات المصرفية جميع الخدمات المصرفية على اختلاف انواعها التي تقدمها البنوك لعملائها من صرف و ائتمان و صرف للنقود وفتح الاعتمادات المالية و فتح الحسابات وغيرها من العمليات المصرفية المختلفة , وحسب المادة الثانية من القانون التجاري الجزائري : " يعد عملا تجاريا بحسب موضوعه :......كل عملية مصرفية اوعملية صرف...."
العلاقة بين البنك و العميل قد تقتصر على عملية منفردة تسوى فورا ونقدا اي بطريق الخزينة دون فتح حساب لها . وقد تكون العلاقة مستمرة فيما بين البنك و العميل , فتدخل العمليات التي يبرمها العميل مع البنك كمفردات تدرج في حساب يفتحه البنك باسم العميل
وبينما يمثل الحساب المصرفي علاقة العميل المستمرة مع البنك , تمثل مفردات الحسابات العمليات التي يبرمها العميل مع البنك و التي تقيد في احد الجانبين الدائن او المدين حتى تسوى نهائيا باستخلاص الرصيد .
فالحساب المصرفي اذن بهذا المعنى له عدة مقاصد , فيقصد به التمثيل او التعبير العددي للعمليات التي تمت بين البنك و العميل , كما يقصد به كذلك الكشف المادي الذي تقيد به هذه العمليات واخيرا يقصد به تسوية العمليات ذاتها بطريق قيدها في الحساب .
و الحساب المصرفي قد يكون عاديا وقد يكون بسيطا وقد يكون جاريا. وكل صاحب حساب يمكنه اجراء ثلاث عمليات اساسية على الحسابات وهي الايداع , السحب والتحويل .
و سنقتصر في بحثنا هذا على دراسة كل من التحويل المصرفي والحساب الجاري نظرا لاهمية كل منهما .
اذ تظهر اهمية التحويل المصرفي في انه يغني عن التداول المادي للنقود في وفاء الديون وتسوية المعاملات , حيث لا ضرورة لان يقوم العميل بسحب المبلغ المطلوب من حسابه ثم يسلمه لدائنه ليذهب هو الاخر ليضعه في حسابه لدى ذات البنك او لدى بنك اخر .
وقد لا يقوم العميل الامر بنقل النقود الى بنك المستفيد وانما يجري القيد في الحساب على ان تتم تسوية الحسابات بين البنكين باجراء المقاصة و بذلك تسوى المعاملات بمجرد تغيير القيود الحسابية بين حسابات العملاء وبين حسابات البنوك دون حاجة الى تداول النقود , ولا شك ان ذلك يحقق فائدة اقتصادية هائلة لانه لا يؤدي الى بحث البنك او العميل عن النقود.
اي انه بمقتضى عملية بسيطة هي عملية التحويل المصرفي تتم تسوية المعاملات , وما تزال النقود الحقيقية في مجال استثمارها دون تغير , وبذلك يقوم التحويل المصرفي مقام النقود ومن هنا يطلق عليه "النقودالقيدية" ويعتبر خلق هذه النقود القيدية من اهم الوظائف التي تقوم بها البنوك .
في حين يعتبر الحساب الجاري من اهم العمليات المصرفية اذ تندرج فيه جميع العمليات المتعددة التي قد تربط العميل بالبنك , ويقدم الحساب الجاري فوائد و مميزات كثيرة لكلا الطرفين فهو يعد عملا من اعمال الاتمان المصرفي كما ان استخدامه يقلل من استعمال النقود فهو وسيلة بسيطة لتسوية العمليات المتبادلة بين طرفيه , كما يتجنب كل من طرفيه بعض مخاطر افلاس الطرف الاخر.
كل هذه المزايا تفسر لنا كثرة استخدام الحساب الجاري في العمل بين الاشخاص الذين تكون بينهم معاملات متصلة و متبادلة و متشابكة تسمح بتشغيل الحساب .
وقبل التطرق لكل من التحويل المصرفي والحساب الجاري نتناول بالدراسة القواعد العامة للحسابات المصرفية في مبحث تمهيدي ثم نتعرض للتحويل المصرفي في المبحث الاول والحساب الجاري في المبحث الثاني معالجين الاشكاليات التالية :
- ما مفهوم الحساب بصفة عامة؟ وما هي انواع الحسابات؟
- كيف يتم فتح الحساب؟ وكيف يتم قفله وما هي اسباب ذلك؟
- ما مفهوم التحويل المصرفي وكيف يتم اجراؤه؟ وما هي اثاره؟
- ما مدى مسؤولية البنك عن اجراء التحويل المصرفي؟
- ما مفهوم الحساب الجاري وما هي اهم خصائصه؟ ما هي حقيقة الحساب الجاري؟ هل هو عقد ام لا؟ وان كان عقدا فما هي طبيعة هذا العقد؟
- متى يدخل المدفوع في الحساب الجاري؟ وهل يجوز قيد اي مدفوع ليكون عنصرا من عناصر الحساب الجاري ام ان هناك شروطا يجب توافرها في المدفوع لكي يمكن قيده في الحساب الجاري؟
ما هي اهم اثار الحساب الجاري؟ كيف يتم قفل هذا الحساب وما هي اثار هذا القفل؟
واخير ما مدى تنظيم المشرع الجزائري لكل من عملية التحويل المصرفي والحساب الجاري؟
مبحث تمهيدي
القواعد العامة في الحسابات المصرفية
هذه القواعد العامة مشتركة في كل الحسابات المصرفية سواء كانت حسابات عادية او حسابات ودائع او حسابات جارية . وفي اطار دراسة القواعد العامة في الحسابات المصرفية سوف نتكلم عن ماهية الحسابات ثم ندرس فتح الحسابات ثم سير(تشغيل) الحسابات واخيرا ندرس قفل الحسابات كل في مطلب مستقل .
المطلب الاول
ماهية الحسابات
الوساطة المالية هي حلقة تصل بين اصحاب الفائض المالي واصحاب العجز المالي وبالتالي فهي تقيم علاقات مالية بين طرفين , وتتجسد هذه العلاقات بفتح ما يسمى بالحساب.  
فالحساب اذا هو رمز العلاقة , به تتم الرابطة المالية بين البنك وصاحبه (صاحب الحساب) وهو بهذا المعنى تعبير عن التجسيد المادي لهذه العلاقة الموجودة بين الوساطة المالية ومختلف زبائنها. (1)
الفرع الاول
تعريف الحساب
يحتاج الاشخاص (طبيعيين كانوا او اعتباريين ) الى ربط علاقات مع البنوك من اجل الاحتفاظ لديهم باموال في شكل ودائع اذا كان لديهم فائض في التمويل , او الاستفادة نت التسهيلات البنكية في شكل قروض مثلا (اذا كان لديهم داجة الى التمويل ) . وتتجسد هذه العلاقة في قيام شخص معين بفتح حساب في البنك الذي يختاره .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)   - الطاهر لطرش , تقنيات البنوك, الطبعة السابعة , ديوان المطبوعات الجامعية, الجزائر, 2011, ص16



يمكن تعريف الحساب من وجهتي نظر, فهو من الناحية المجردة عبارة عن رمز (رقم) تقترن به معظم العمليات المادية لصاحبها فهي تمثل علاقته مع البنك. وهو من الناحية العملية والقانونية عبارة عن معاهدة او اتفاق بين البنك الذي يفتحه والشخص الذي يفتح لصالحه , تنظم به العمليات المالية القائمة بينهما سواء كانت ايداع او سحب او اي عملية اخرى بين الطرفين.(1)
والحساب رمز شخصي لا يمكن لاي شخص مهما كان ان يتصرف فيه الا صاحبه او بامر منه و يتجسد هذا الامر في الامضاء على وثيقة السحب المتمثلة الشيك. ويمكن ان نضيف الى ما سبق القول ان الحساب يمكن ان يلعب ثلاث ادوار اساسية :
1.    الحساب اولا هو عبارة عن وسيلة محاسبية تسمح للبنك بمراقبة العمليات المالية وتسجيلها واستخلاص النتائج المترتبة عن هذه الحركات سواء كانت قرضا (الحساب مدين) او دينا على البنك (الحساب دائن).
2.    الحساب ثانيا هو اداة تسوية بين البنك وصاحب الحساب , فالمسحوبات تسحب من هذا الحساب والودائع تسجل فيه .
3.    والحساب اخيرا هو وسيلة ضمان بالنسبة للبنك وتظهر هذه الوظيفة للحساب من خلال العمليات التعويضية للحركات الدائنية و المدينة للحساب وبالتالي فان دور الحساب كوسيلة ضمان تنبع من الية عمل هذا الحساب ذاتها, وذلك فيما يتعلق بالحساب الجاري على وجه التحديد.(2)
الفرع الثاني
انواع الحسابات(3)
الحساب للاطلاع : الحساب للاطلاع هو ذلك الحساب الذي تتم فيه العمليات المالية للزبون بدون قيود او شروط, فلا وقت يفرض عند السحب و لا اشعار مسبق يطلب من اجل ذلك فهذا الحساب هو اصلا حساب بدون اجل يمكن لصاحبه ان يسحب منه في اية لحظة يريدها وبدون اي عراقيل من طرف البنك .  

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 
(1)   احمد هني , العملة والنقود ,ديوان المطبوعات الجامعية, الجزائر , 1991 ,ص17 
(2)   الطاهر لطرش , المرجع السابق,ص16
(3)   الطاهر لطرش,المرجع نفسه, ص17- 18

ونظرا لان كل عمليات السحب على هذا الحساب لا تتم الا بواسطة الشيك يسمى ايضا حساب الشيك. ويفتح الحساب للاطلاع لفائدة الاشخاص الطبيعيين من اجل تنفيذ عملياتهم المالية العادية , ومن خصائصه الاساسية ان يكون دائما دائنا وهذا يعني انه لا يمكن السحب على هذا الحساب الا في حدود الرصيد الموجود فيه . 
الحساب الجاري : الحساب الجاري له نقس خصائص الحساب للاطلاع  ولكنه يفتح لفائدة التجار لاستعماله في عملياتهم المهنية . وينبغي ان تكون هذه الحسابات مفصولة عن حساباتهم الشخصية كافراد عاديين , ومن خصائصه الاساسية امكانية ان يكون مدينا تبعا للتدفقات المالية لصاحب هذا الحساب , وهذا يعني ان البنك يمكنه السحب على هذا الحساب حتى ولم يكن به اي رصيد .
اساس التفرقة بين الحسابين :
اساس التفرقة بين الحسابين يكمن في مدى السحب المسموح به على كل حساب , ففي حالة حساب الشيك القاعدة هي ان يكون الحساب دوما دائنا بينما في حالة الحساب الجاري ونظرا لطبيعة العمليات التجارية و عمليات التسوية المالية التابعة لها فان هذا الحساب يشهد حركة مستمرة تفوق في العادة الحركات المسجلة على مستوى حسابات الشيك , و يمكن ان يستفيد اصحابها من تسهيلات الصندوق التي تقدمها البنوك وخاصة التي تقدمها طبيعة الحركة المستمرة لهذا الحساب . في الواقع هذه هي القاعدة العامة للتفرقة بين الحسابين.
الحساب لاجل :على عكس الحساب للاطلاع فان الحساب لاجل يتطلب بعض الشروط والقيود عند استعماله , فالاموال تودع لفترة معينة ومحددة مسبقا ولكن لا يمكن لصاحبه التصرف فيها متى شاء بل لا يمكن ان تسحب الا بعد انقضاء هذه المدة . ان تجميد الاموال لا يكون دون مقابل , بل على العكس من هذا سوف يستفيد صاحب الحساب من وراء ذلك بالفائدة .
الحساب على الدفتر : على عكس الحسابين السابقين فلن الحساب على الدفتر لا يتطلب استعمال الشيكات اثناء العمليات القائمة بين البنك وزبونه و على هذا الاساس فان كل عمليات السحب و الايداع تسجل وجوبا في دفتر خاص يسلم لصاحب الحساب عند فتحه .
وهذا الحساب شخصي جدا حيث لا يمكن لصاحبه ان يعطي امرا لفائدة الغير , وهو مثل حساب الشيك لا يمكن ان يكون مدينا , كما يمكن لصاحبه ان يستفيد من فائدة مثلما هو الحال في الحساب لاجل . 


المطلب الثاني
فتح الحساب
ان القيام بفتح حساب لفائدة زبون معين يعني بشكل ما اقامة علاقة مالية بين هذا الزبون والبنك , ولكن فتح الحساب يجب ان يخضع الى بعض الاشكال و الشروط القانونية .
و في اطار دراسة شروط فتح الحساب المصرفي سوف نقتصر على دراسة الرضا والاهلية . 
الفرع الاول
عقد فتح الحساب
يتم فتح الحساب يعقد يبرمه البنك و العميل ويتم ايداع النقود عادة عند انعقاد العقد (1)ويلزم لقيام هذا العقد :
1-   رضا الطرفين : ان فتح حساب يفترض وجود موافقة من العميل ولكن هذه الموافقة هي العموم ضمنية فهي تنتج عن واقعة وحيدة هي ان العميل على علاقة مع البنك ويترك لديه اموالا هو مالكها وفي اغلب الاحيان يقدم للعميل دفتر شيكات مقابل ايصال , وهكذا يكون هناك اثبات خطي على موافقته (2)ولا بد ايضا من موافقة البنك , وللبنك دائما حق رفض فتح الحساب لعميل غير مرغوب فيه.(3)
فالعقد ينشئ صلة جديدة بين البنك وعميله ,لذلك يحرص البنك على اختيار عميله ويجري لذلك عادة بعض التحريات اللازمة عن شخصه واهليته دون ال يكون ذلك التزاما على عاتقه . ويحتفظ البنك لنفسه بحق الرفض اذا تكشفت له من الاسباب ما يبرره كما لو تبين له شدة اعسارعميله او سبق لجوؤه الى وسائل احتيالية او غير مشروعة.(4)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)   د- علي البارودي, د-محمد فريد العريني, القانون التجاري, الجزء الثاني, العقود التجارية و عمليات البنوك, دار المطبوعات الجامعية , الاسكندرية, 2000, ص301
(2)   ج-ريبير, ر-روبلو, المطول في القانون التجاري, ترجمة د-علي مقلد, الجزء الثاني, المصارف و البورصات, الطبعة الاولى, مجد للنشر و التوزيع, بيروت, 2008, ص484
(3)   د-مصطفى كمال طه, د-علي البارودي, عمليات البنوك, منشورات الحلبي الحقوقية, بيروت, 2001, ص599
(4)   د-علي البارودي, د-محمد فريد العريني, المرجع نفسه, ص301
2-الاهلية : فتح الحساب المصرفي باعتباره تصرف من التصرفات القانونية يتطلب ان تتوفر اهلية معينة في كل من طرفيه وهنا لا مجال لبحث اهلية البنك وانما يتعلق الامر باهلية العميل.(1)
وفي هذا الصدد نميز بين فتح الحساب لصالح الشخص الطبيعي وبين فتح الحساب لصالح الشخص المعنوي :
ا- فتح الحساب لصالح الشخص الطبيعي : بصفة عامة يمكن فتح الحساب لصالح الشخص الطبيعي الذي يتمتع بالاهلية القانونية و الحقوق المدنية, ويختلف الامر عند فتح الحساب فيما اذا كان الشخص بالغا ام لا, وعموما كل شخص بالغ يمكنه ان يفتح حسابا له في اي بنك يختاره دون عراقيل او شروط ما عدا تلك الشروط المنصوص عليها قانونا.
كما يمكن للقصر الذين لم يبلغوا سن الرشد القانونية ان يقوموا بفتح حسابات لهم على الدفتردون تدخل من ممثلهم القانوني, ويمكنهم ايضا السحب على هذا الحساب وبدون تدخل ممثلهم ولكن فقط اذا تجاوز سنهم ستة عشر سنةالا اذا اعترض وليهم الشرعي على ذلك بوثيقة تبلغ حسب اصول تبليغ العقود غير القضائية . وهذا ما نصت عليه المادة 119 منالامر03-11 المتعلق بالنقد و القرضحيث جاء فيها ما يلي :"يقبل القصر لفتح دفاتر دون تدخل وليهم الشرعي, ويمكنهم بعد بلوغ سن الستة عشر سنة كاملة ان يسحبوا من مدخراتهم دون هذا التدخل, الا اذا اعترض وليهم الشرعي على ذلك بوثيقة تبلغ حسب اصول تبليغ العقود غير القضائية "
اما الشخاص الذين تقل اعمارهم عن 16 سنة فان فتح الحسابات لصالحهم يجب ان يتم من طرف وصيهم الشرعي.
ب- فتح الحساب لصالح الشخص المعنوي :تفتح ايضا لصالح الاشخاص المعنويين مثل الشركات حسابات بنكية ويجب على البنك قبل اتمام اجراءات فتح مثل هذه الحسابات ان يتاكد من الشخصية القانونية لهذه الشركة(وجودها, اسمها, عنوان مقرها الاجتماعي...) كما ينبغي عليه التاكد من هوية واهلية الاشخاص الذين يمثلونها.ويكون عادة الشخص المؤهل لتمثيل الشركة هو مسيرها , و في احيان عديدة يمكن لمسيري هذه الشركات ان يفوضوا جزءا من سلطاتهم فيما يخص التعامل مع البنوك الى اداريين اخرين يقومون بالعمليات
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)   د- احمد بركات مصطفى,العقود التجارية وعمليات البنوك, الطبعة الاولى, مركز نشر وتوزيع, الكتاب الجامعي, جامعة اسيوط, 2006, ص251 

البنكية لصالح الشركات التي يمثلونها وذلك في ظروف معينة وفي فترات محدودة خاصة في غياب المسير الاول للشركة وقبل ان يقبل البنك مثل هذا التفويض عليه ان يتاكد بان الشخص الذي قام بالتفويض يملك الصلاحية القانونية للقيام بذلك و تجب الاشارة الى ان كل العمليات التي تجري في ظل هذه الظروف انما تتم تحت المسؤولية الكاملة لهذا المفوض(1)
الفرع الثاني
شكليات فتح الحساب(2)
سواء كان فتح الحساب لصالح شخص طبيعي او لصالح شخص معنوي فان ذلك ينبغي ان لا يتم قبل توقر بعض الشروط و الشكليات الضرورية ويمكن اجمال هذه الشكليات فيما يلي :
-         اثبات اهلية الشخص القانونية و صلاحية ممارسة حقوقه المدنية واذا تعلق فتح هذا الحساب بالشخص الطبيعي ينبغي ان يقدم قبل تنفيذ اجراءات فتح الحساب وثيقة تثبت هويته , اما اذا كان الامر يتعلق بالشخص الطبيعي الذي يمارس حرفة تجارية ينبغي عليه ان يقدم مستخرجا من السجل التجاري يثبت تسجيل عمله التجاري.
-         كما ينبغي اثبات الشخصية القانونية في حالة فتح الحساب لصالح الشخص المعنوي وكذا اثبات هوية ممثليها واهليتهم لهذا التمثيل.
-         عند الشروع في فتح الحساب يتم املاء و انشاء ورقة فتح الحساب , وتتضمن هذه الوثائق كل المعلومات الضرورية الخاصة بصاحب الحساب مثل اسمه,لقبه,وعنوانه كما تتضمن البطاقتان نموذجا لامضاء صاحب الحساب تسمح له بامكانية اللجوء الى مراجعة الامضاء قبل تنفيذ بعض اوامر السحب , كما تتضمن ورقة فتح الحسلب كيفية عمله و الشروط المرتبطة بذلك مثل الفوائد والعمولات.
-         عند الانتهاء من اجراءات فتح الحساب يعطى لصاحب الحساب دفتر للشيكات وتتم بواسطة هذه الشيكات كل عمليات المسحوبات.
و المشرع الجزائري نجده من خلال المادة 06 من النظام رقم 94-13 الذي يحدد القواعد العامة المتعلقة بشروط البنوك المطبقة على العمليات المصرفية قد الزم البنوك بضرورة اطلاع زبائنها على الشروط المتعلقة باستعمال الحساب و اسعار الخدمات التي يسمح بها والالتزامات المتبادلة للمؤسسة المالية والزبون حيث جاء فيها ما يلي :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 
(1)   الطاهر لطرش, المرجع السابق, ص20-21
(2)   المرجع نفسه, ص22
"ينبغي على البنوك والمؤسسات المالية ان تبلغ زبائنها والجمهور بالشروط التي تطبقها على العمليات التي تقوم بها .
كما يستلزم عليها عند فتح حساب ان تطلع زبائنها على الشروط المتعلقة باستعمال الحساب واسعارالخدمات المختلفة التي يسمح بها و الالتزامات المتبادلة للمؤسسة المالية والزبون"(1)
الفرع الثالث
تعدد الحسابات المفتوحة للشخص الواحد
قد يفتح شخص واحد حسابات متعددة باسمه في بنك واحد كما هو الحال اذا قام احد التجار بفتح حساب لقيد حاجاته الشخصية وحساب اخر لحاجات تجارته كما قد يكون لاحد العملاء حساي ودائع و حساب اخر جاري. (2)
والقاعدة المعمول بها هي استقلال الحسابات وذلك خروجا على مبدا وحدة الذمة. (3)بمعنى ان كل حساب مستقل ومنفصل عن الحسابات الاخرى , ويتم تطبيق مبدا استقلال الحسابات في حالة تعددها الا اذا تبين ان نية طرفي الحسابات قد اتجهت الى الربط بين الحسابات المتعددة وجعلها بالاتفاق حسابا واحدا, وتطبيقا لذلك يمكن ان يتفق البنك مع العميل في حالة تعدد الحسابات على ان يضمن الرصيد الدائن لاحد الحسابات الرصيد المدين للحساب الاخر.
ويترتب على قاعدة استقلال الحسابات في حالة تعددها لشخص واحد في البنك ذاته انه اذا سحب العميل شيكا على احد الحسابات وكان رصيد هذا الحساب دائنا وجب على البنك دفع قيمة هذا الشيك ولو كان مجموع الحسابات مدينا. وتفاديا للنتائج التي يؤدياليها مبدا استقلال الحسابات في حالة تعددها تحرص البنوك على الربط بينها , بحيث يكون الرصيد الدائن لاحد الحسابات ضامنا للرصيد المدين للحساب الاخر. لذلك جرى العمل على الاتفاق على اندماج الحسابات , بحيث تعتبر حسابات العميل المتعددة وكانها حساب واحد. (4)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)   نظام رقم 94-13, يحدد القواعد العامة المتعلقة بشروط البنوك المطبقة على العمليات المصرفية, مؤرخ في 2 يوليو1994, ج.ر العدد72 الصادرة بتاريخ 6-11-1994 .
(2)   د- احمد بركات مصطفى, المرجع السابق, ص252
(3)   د- علي البارودي, د-محمد فريد العريني, المرجع السابق, ص301 
(4)   د- احمد بركات مصطفى, المرجع نفسه, ص252-253 

موقف المشرع الجزائري :المشرع الجزائري في الامر 03-11المتعلق بالنقد والقرض لم يتطرق الى تعدد حسابات الشخص الواحد وانما اكتفى بالنص على الحساب المشترك معبرا عنه بالحسابات الجماعية وذلك في نص المادة 120 :" يمكن ان تكون الحسابات المفتوحة لدى البنوك فردية او جماعية مع تضامن او بدونه او شائعة"
وهذا يتم التطرق اليه في الفرع الثالث .
الفرع الرابع
الحساب المشترك
الحساب المشترك هو حساب مفتوح لعدة اشخاص. (1)عبر عنه المشرع الجزائري بالحسابات الجماعية في المادة 120 من الامر03-11 المتعلق بالنقد والقرض.
فقد يحدث ان يتفق عميلان او عدة عملاء على فتح حساب واحد على وجه التضامن يسمى الحساب المشترك ويكون لكل منهم حق ايداع المبالغ في الحساب كذلك يكون لاي منهم حق سحبها منه بتوقيعه وحده, ويفتح هذا الحساب عادة  بين الشركاء المتضامنين او الازواج.
اما الحساب الجماعي الشائع فهو كالحساب الذي يكون للورثة بعد وفاة صاحبه وقبل اجراء القسمة وفي هذه الحالة لا يجوز للبنك القيام باية عملية على هذا الحساب الا بتوقيع جميع اصحاب الحق فيه ما لم يكونوا قد فوضوا وكيلا عنهم.(2)
والمشرع الجزائري في المادة 120 السالفة الذكر اكتفى بالنص على امكانية فتح حسابات جماعية لكنه لم يتطرق الى تنظيم العمل بها كما ان مجلس النقد والقرض لم يضع نظاما لتطبيق هذه المادة . ولكن يلاحظ انه ترك للبنوك حرية تحديد الشروط المتعلقة باستعمال الحساب وهذا ما تؤكده الفقرة الثانية من المادة 06 من النظام رقم 94-13 السالف الذكر حيث جاء فيها :" كما يستلزم عليها عند فتح حساب ان تطلع زبائنها على الشروط المتعلقة باستعمال الحساب والخدمات المختلفة التي يسمح بها والالتزامات المتبادلة للمؤسسة المالية والزبون"

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)               ج. ريبير- ر. روبلو, المرجع السابق, ص492
(2)               د- مصطفى طه, علي البارودي, المرجع السابق, ص601 

الفرع الخامس
الحسابات بين البنوك(1)
توجد حسابات بين البنوك التي تربطها علاقات اعمال متتابعة , وكل منها يمسك حسابا للعمليات , يقوم بها لحساب مراسليه وبناء على اوامرهم . وحسابا للعمليات التي يامر مراسليه بالقيام بها لحسابه .
وتكون الحسابات بين البنوك دائما جارية.
المطلب الثالث
سير الحسابات
تتم دراسة هذا المطلب من خلال فرعين, الاول القيد في الحساب والثاني فوائد الحساب .
الفرع الاول
القيد في الحساب
يمسك البنك الحساب وكلما اصبح العميل لاي سبب كان دائنا او مدينا للبنك قيد البنك في الجنب الدائن منه ما يكون مستحقا للعميل وفي الجانب المدين ما يكون مستحقا على العميل  حيث يصير الحث او الدين مجرد بند من بنود الحساب. (2)فتدخل في الحساب منذ فتحه الى قفله عمليات مختلفة بين العميل و البنك, وتحتفظ كل عملية باستقلالها حتى يتم قفل الحساب وتصفيته فيظهر الرصيد النهائي. (3)
واذا قيد احد المبالغ خطا في الحساب , فلا يجوز تصحيح هذا القيد ماديا بمحوه او شطبه وانما يجب اجراء قيد جديد بعكس الاول وهذا ما يسمى بالقيد العكسي.(4)
ولكن يلاحظ ان الانماط او النماذج التي تتبع في تشغيل الحساب تستخلص من الشروط العامة للبنك و العادات المصرفية. (5)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 
(1)   د- مصطفى كمال طه, د- علي البارودي, المرجع السابق, ص602
(2)   المرجع نفسه, ص602 
(3)   د- احمد بركات مصطفى, المرجع السابق, ص255
(4)   د- مصطفى كمال طه, د- علي البارودي, المرجع نفسه, ص602
(5)   د- احمد بركات مصطفى, المرجع نفسه, ص255  
الفرع الثاني
فوائد الحساب
قد يكون الحساب منتجا للفوائد و تسمى الفوائد المستحقة للبنكبالفوائد المدينةو الفوائد المستحقة للعميل بالفوائد الدائنة. والمدفوعات في الحساب الجاري تنتج الفوائد بقوة القانون دون حاجة الى اتفاق خاص بخلاف الحساب العادي الذي يلزم فيه اتفاق خاص لترتيب الفوائد . و لا توجد فوائد مدينة في حساب الودائع بل فوائد دائنة في الاصل.
ويتقاضى البنك عمولة نظير مسك الحساب و الخدمات التي يؤديها للعميل ولا تعد هذه العمولة فائدة اضافية بل هي مقابل الخدمة التي يؤديها البنك للعميل ومستقلة عن الفائدة المستحقة للبنك عن المبالغ التي اقرضها للعميل. وذلك بشرط ان تكون هذه العمولة عادية متفقة مع العادات المصرفية , اما اذا كانت العمولة مبالغا فيها فانها تعتبر فائدة مستترة ويجب ان تضم الى الفائدة المتفق عليها. (1)
والمشرع الجزائري اقر للبنوك حرية تحديد معدلات الفائدة الدائنة والمدينة وكذلك معدلات العمولات المطبقة على العمليات المصرفية وذلك في نص المادة 04 من النظام رقم
94-13حيث جاء فيها ما يلي : "تحدد البنوك والمؤسسات المالية بكل حرية معدلات الفائدة الدائنة والمدينة وكذا معدلات ومستوى العمولات المطبقة على العمليات المصرفية
المطلب الرابع
قفل الحساب
تتم دراسة هذا المطلب من خلال ثلاثة فروع, الاولالتمييز بين الحساب المرصد والحساب المقفل ووقف(قطع) الحساب , الثاني اسباب قفل الحساب , الثالث اثار قفل الحساب .
الفرع الاول
التمييز بين الحساب المرصد والحساب المقفل ووقف الحساب
1-   التمييز بين الحساب المرصد والحساب المقفل :الحساب المرصد هو ذلك الحساب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)   د- مصطفى كمال طه, د-علي البارودي, المرجع السابق, ص603

الذي تجمع فيه المبالغ الدائنة والمدينة واخراج الفرق ووضعه في الجهة التي تحتوي المبلغ الاصغر مع تبيان طبيعته المحاسبية , والحساب المرصد يمكن استعماله بعد ترصيده لاجراء عمليات اخرى .
بينما الحساب المقفل هو ذلك الحساب الذي يشطب تماما من جدول الحسابات بالنسبة لصاحبه ولا يمكن استعمال الحساب المقفل مرة اخرى لفائدة صاحبه. (1)
2-   وقف (قطع) الحساب : الوقف يتم عادة في المواعيد المتفق عليها او كل شهر او ثلاثة اشهر او ستة اشهر وفقا للعادات المصرفية. (2) فالعرف المصرفي استقر على قطع الحساب في فترات دورية حيث يتم وقف تشغيله في لحظة معينة ويتم استخراج رصيد هذا الحساب في هذه اللحظة . فقطع الحساب في لحظة معينة تسمح بعمل ميزان مؤقت يكشف عن مركز طرفيه من حيث الدائنية و المديونية واستخلاص الرصيد المؤقت ثم يستانف الحساب سيره الى ان يقفل بصفة نهائية. (3)
الفرع الثاني
اسباب قفل الحساب (4)
يمكن قفل الحساب في عدة حالات من الممكن اجمالها في خمسة اصناف اساسية :
1-   يعتبر الحساب مقفلا في بعض الحالات عند انتهاء العملية التي فتح من اجلها الحساب مثل الدفع المعتمد (الدفع المعتمد هو قيام البنك بوضع مبالغ معينة بحوزة احد زبائنه لفترة محدودة ) .
2-   يقفل الحساب في حالة طلب احد الطرفين ( صاحب الحساب او البنك ).
3-   في حالة وفاة صاحب الحساب يجمد هذا الحساب الى غاية تسوية مشكلة الورثة و تعيين خلافة صاحب الحساب المتوفي.
4-   كما يقفل الحساب ايضا عندما يتوقف  صاحبه عن العمل التجاري او عند افلاسه لاي اسباب اخرى تؤدي الى وقف نشاطه التجاري.
5-   و اخيرا يقفل الحساب بمبادرة من البنك كاجراء عقابي ضد الزبون الذي يظهر سلوكا سيئا في معاملاته فيخل بمصداقيته وفي هذه الحالة يتم اخطار البنك المركزي بذلك .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)   الطاهر لطرش, تقنيات البنوك, الطبعة السابعة, ديوان المطبوعات الجامعية, الجزائر, 2011, ص23.
(2)   د- مصطفى كمال طه, د- علي البارودي, عمليات البنوك, منشورات الحلبي الحقوقية, بيروت, 2001, ص603.
(3)   د-احمد بركات مصطفى, العقود التجارية وعمليات البنوك, الطبعة الاولى, مركز نشر وتوزيع الكتاب الجامعي, جامعة اسيوط, 2006, ص258.
(4)   الطاهر لطرش, المرجع نفسه, ص23.
الفرع الثالث
اثار قفل الحساب
متى قفل الحساب قام البنك بتصفيته و تحديد الرصيد النهائي وقد يكون الرصيد النهائي دائنا لصالح العميل او مدينا على عاتقه. (1)فاذا كان الرصيد دائنا لصالح العميل يجب على البنك دفع قيمة الرصيد للعميل, اما اذا كان الرصيد مدينا فيجب على العميل الوفاء للبنك.(2)
و يعتبر دين الرصيد دينا عاديا مستحقا بمجرد اقفال الحساب وينتج الفوائد بقوة القانون من وقت استحقاقه. ويطلب البنك عادة قبول العميل للحساب ويكون هذا القبول صريحا او ضمنيا ويجوز ان يستخلص القبول من سكوت العميل بعد تلقيه كشف الحساب ولا يجوز اعادة النظر في نتيجة الحساب بعد اقفاله وقبوله احتراما لاتفاق الطرفين.
المبحث الثاني
التحويل المصرفي
تتخلل حياة الحساب منذ فتحه الى قفله عمليات مختلفة بين العميل والبنك , تحتفظ كل عملية باستقلالها . والعمليات على اختلاف انواعها تؤدي في النهاية الى احد الامرين : فهي اما ان تجعل العميل دائنا بمبلغ معين فتترجم العملية الى ايداع في حسابه , و اما ان تجعله مدينا بمبلغ معين فتكون هذه العملية هي سحب من امواله المودعة في البنك.
كذلك يقيد البن في الجانب المدين للعميل العمليات التي تتم عن طريق التحويل المصرفي الذي نتطرق اليه بالدراسة في هذا المبحث من خلال المطالب التالية :
المطلب الاول
ماهية التحويل المصرفي
نتناول ماهية التحويل المصرفي من خلال فرعين :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 
(1)د-مصطفى كمال طه, د- علي البارودي, المرجع السابق, ص604.
(2)د- احمد بركات مصطفى, المرجع السابق, ص257.
الفرع الاول
تعريف التحويل المصرفي
التحويل او النقل المصرفي هو عملية مصرفية بمقتضاها يقيد البنك مبلغا معينا في الجانب المدين لحساب عميل ويقيد ذات المبلغ في الجانب الدائن لحساب عميل اخر , او هو بعبارة اخرى نقل مبلغ من حساب لحساب اخر بمجرد قيود في الحسابين , وقد يكون الطرفان عميلين لبنكين مختلفين وحينئذ يقوم بنك احد الطرفين بالقيد في الجانب المدين لحساب عميله و يقوم بنك الطرف الاخر بالقيد في الجانب الدائن لحسابه.(1)
ويمكن تعريفه بانه نقل الاموال من حساب الى حساب اخر داخل نفس البنك او بين حسابين مفتوحين في بنكين مختلفين سواء كان هذين الحسابين لشخص واحد او لشخصين مختلفين وتتجسد هذه العملية باقتطاع مبلغ معين من حساب المدين واضافته الى حساب الدائن, وتبعا لهذه العملية ينخفض رصيد حساب الشخص المسحوب عليه و يزيد رصيد حساب الشخص المستفيد وتتم عملية التحويل بما يسمى بامر التحويلاو باستعمال الشيك المسطر.
ويتم التحويل من حساب لاخر داخل نفس البنك بواسطة عملية محاسبية اي بمجرد تسجيل محاسبي دون ان يؤثر ذلك على الرصيد الكلي لخذا البنك , بينما يتم التحويل ما بين حسابين مختلفين في بنكين مختلفين بتحويل حقيقي للاموالويتلثر رصيد البنكين بذلك حيث يزيد رصيد البنك المستفيد من التحويل بينما ينقص رصيد البنك الذي سحبت عليه الاموال.(2)
الفرع الثاني
الطبيعة القانونية لعملية التحويل المصرفي
حاول الفقه تاسيس عملية التحويل المصرفي باعتبارها حوالة حقيقوم فيها العميل بتحويلحقه لدى البنكلمصلحة المستفيد , ومنهم من نظر اليها باعتبارها نوع من الانابة في الوفاء.
والفقه الحديث ذهب الى عدم ارجاع عملية التحويل المصرفي الى المبادئ التي عرفها القانون المدني وذلك لما يوجد من اختلافات جوهرية بين هذه المبادئ وبين عملية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)               د- مصطفى كمال طه, د- علي البارودي, المرجع السابق, ص605.
(2)الطاهر لطرش, المرجع السابق, ص19.
التحويل المصرفي , ومن ثم يكون من الاوفق ترك عملية التحويل المصرفي ليحكمها العرف المصرفي باعتبارها نوع جديد من التعامل الذي يصعب اخضاعه للقانون المدني.(1)
لذلك يتجه اغلب الفقه والقضاء الى تكييف النقل المصرفي بانه عملية مادية شكلية تساوي في نظر القانون عملية تسليم مادية لمبلغ من النقود واطلقوا عليها "النقود القيدية" فالعميل المستفيد قد تسلم بالفعل من العميل الامر , كل ما هنالك ان طريقة التسليم طريقة مصرفية حديثة .
واخذ القضاء الفرنسي بهذا النظر في احكام عديدة من اهمها حكم محكمة استئناف رن الصادر في 09 مايو 1946, اذ عرفت النقل المصرفي بانه نقل اموال يتحقق عن طريق قيدين احدهما في الجانب المدين لمصدر الامر و الاخر في الجانب الدائن للمستفيد . ويترتب على هذين القيدين اثر حقيقي لا صوري هو تخلي مصدر الامر عن حيازة هذه  الاموال و تسليمها للمستفيد. (2)
المطلب الثاني
اجراء التحويل المصرفي
نتناول بالدراسة هذا المطلب في ثلاثة فروع, الاول امر التحويل المصرفي , الثاني تنفيذ امر التحويل المصرفي والثالث مكان وتاريخ تمام التحويل المصرفي.
الفرع الاول
امر التحويل المصرفي
يتضح من تعريف التحويل المصرفي ان العملية تتمثل في قيود يجريها البنك , وتبدا العملية باصدار العميل امرا للبنك باجراء التحويل , ولا يشترط في هذا الامر شكل خاص , فقد يتم بخطاب ( كتابة ) او شفاهة , وانما عادة ما يكون للبنوك وثائق مطبوعة تضعها تحت تصرف عملائها فيكفي العميل الامر ملء بيانات الوثيقة المخصصة للتحويل المصرفي.(3)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)   د-عبد الرحمان السيد قرمان, عمليات البنوك, الطبعة الثانية, دار النهضة العربية, القاهرة, 2000, ص254.
(2)   د-علي البارودي, د-محمد فريد العريني, القانون التجاري, الجزء الثاني, العقود التجارية وعمليات البنوك, دار المطبوعات الجامعية, الاسكندرية, 2000, ص311.
(3)   د-محمد هاني دويدار, النظام القانوني للتجارة , (العقود التجارية, العمليات المصرفية, الاسناد التجارية, الافلاس), الطبعة الاولى, المؤسسة الجامعية للنشر و التوزيع, ص334.

كما قد تتم عملية التحويل المصرفي باستعمال الشيك المسطر. وقد تعرض المشرع الجزائري لهذا الشكل من الشيكات بالتنظيم في المواد 512 و513 من القانون التجاريوالشيك المسطر هو الذي يتضمن خطين متوازيين على وجه الشيك بينهما فراغ والقصد من هذين الخطين تنبيه المسحوب عليه ( البنك ) الى ضرورة ان يكون المستفيد من الشيك احد البنوك.(1)
الفرع الثاني
تنفيذ امر التحويل المصرفي
على اثر تلقي البنك للامر يجري القيود اللازمة و تتمثل هذه القيود في انقاص رصيد العميل الامر بقيمة بالتحويل واضافة هذه القيمة الى رصيد المستفيد.(2)
وفي هذا الصدد نميز بين نقل النقود من شخص الى اخر و بين نقل النقود بين حسابين لشخص واحد :
1-   نقل النقود من شخص الى اخر :في هذه الحالة يقوم البنك بتنفيذ امر التحويل بنقل مبلغ من النقود من حساب شخص ( العميل الامر ) الى حساب شخص اخر  (المستفيد ) وفي هذه الحالة قد يكون حساب المستفيد لدى ذات البنك اي ان العملية تتم في اطار حسابين لشخصين في بنك واحد , فتتم عملية النقل المصرفي في لحظة واحدة حيث يقيد المبلغ في الجانب المدين لحساب الامر بالنقل وفي ذات الوقت يقيد في الجانب الدائن لحساب المستفيد.
وقد يكون حسا ب الامربالنقل و حساب المستفيد لدى بنكين مختلفين وفي هذه الحالة يقوم البنك الامر بقيد المبلغ المحدد في امر النقل في الجانب المدين لحساب العميل الامر ثم يقوم باخطار بنك المستفيد لقيد ذات المبلغ في الجانب الدائن لحساب المستفيد, ثم تسوى العملية بين البنكين طبقا للقواعد المتفق عليها بينهما كاجراء المقاصة اذا كان بينهما معاملات متبادلة او اصدار شيك بالمبلغ لمصلحة بنك المستفيد.(3)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)   بلعيساوي محمد الطاهر, الوجيز في شرح الاوراق التجارية, الطبعة الثانية, دار هومة, الجزائر, 2008, ص20.
(2)   د- هاني محمد دويدار, المرجع السابق, ص334.
(3)   د- عبد الرحمان السيد قرمان, المرجع السابق, ص241-242.
غرفالمقاصة :غرف المقاصة هي اجتماعات لمندوبي البنوك لاجراء التسوية بطريق المقاصة للحقوق و الديون القائمة بينها بسبب عملياتها المصرفية , ولهذا الغرض يقدم كل بنك الى الغرفة مجموع الشيكات والاوراق التجارية ومبالغ النقل المصرفي التي يكون دائنا بها اتجاه جميع البنوك الاخرى المشتركة في الغرفة , ويكلف الغرفة في نفس الوقت بان تدفع جميع الشيكات و الاوراق التجارية مبالغ النقل المصرفي التي يكون مدينا بها اتجاه نفس البنوك , وتقوم الغرفة باجراء مقاصة بين هذه الحقوق و الديون . ويمثل الفرق بين مجموع المبالغ المستحقة للبنك و مجموع المبالغ المستحقة عليه حقا للبنك على البنوك الخرى او دينا عليه لها , ويقيد في الجانب الدائن او المدين من حسابه ادى البنك المركزي. ويجب ان تتعادل بطبيعة الحال المبالغ التي تقيد على حساب البنوك الاخرى . وبذل تتم تسوية عامة للعمليات المصرفية بواسطة غرف المقاصة دون حاجة لاستعمال النقود.(1)
وقد تطرق المشرع الجزائري لغرف المقاصة في المواد 56 و57 من الامر رقم 03-11المتعلق بالنقد والقرضحيث جاء فيهما ما يلي :
المادة 56 :" ينظم البنك الجزائري غرف المقاصة و يشرف عليها و يسهر على حسن سير نظم الدفع فيها و امنها وفقا لنظام مجلس النقد و القرض"
المادة 57 :" تتحمل البنوك نفقات غرف المقاصة"
واتخذت كيفيات تطبيق المادتين 56 و 57 بموجب نظام مجلس النقد والقرض التالي :
نظام رقم 97-03 المتعلق بغرفة المقاصةحيث جاء في المادة 03 منه : "تتولى غرفة المقاصة لفائدة المنخرطين فيها مهمة تسهيل تسوية الارصدة عن طريق اقامة مقاصة يومية فيما بينهم لما ياتي :
-         كل من وسائل الدفع الكتابية تو الالكترونية لا سيما الشيكات و السندات التجارية الاخرى المستحقة يوميا فيما بينهم
-         التحويلات لفائدة اصحاب الحسابات المقيدة في سجلاتها ".(2)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)   د- مصطفى كمال طه, د- علي البارودي, المرجع السابق, ص609.
(2)   نظام رقم 97-03 يتعلق بغرفة المقاصة , مؤرخ في 17-11-1997, الجريدة الرسمية العدد 17,الجزائر, الصادرة بتاريخ 25-03-1998.


الفرع الثالث
مكان وتاريخ تمام التحويل المصرفي
يجب تحديد تاريخ اتمام التحويل نظرا لاهمية هذا التاريخ , اذ يستطيع العميل الامر الغاء امر التحويل قبل هذا التاريخ كما انه يسمح بتحديد ما اذا كان الوفاء الذي تم بواسطة التحويل يقع في يترة الريبة اذا اعلن افلاس العميل الامر.
ويكون التحويل تاما باجراء القيود اللازمة في الحسابين و الفرض انها تتم كلها في وقت واحد , فاذا حدث و تراخى القيد في حساب الامر عن القيد في حساب المستفيد اعتبر التحويل تاما باجراء القيد الثاني و تلك هي القاعدة ايضا في حالة اجراء التحويل بين بنكين مختلفين , فالعبرة باجراء البنك الثاني اي بنك المستفيد القيود اللازمة في حساب عميله.
اما عن مكان التحويل فانه يتم في موطن البنك الذي يجري القيود , اما اذا اختلف البنك فالعبرة  بموطن البنك الثاني اي بنك المستفيد لان عملية التحويل اكتملت عنده.(1)
المطلب الثالث
اثار التحويل المصرفي
تترتب على التحويل المصرفي اثار هامة في العلاقات بين جميع ذوي الشان :
الفرع الاول
اثار التحويل المصرفي في العلاقة بين البنك و العميل الامر
يلتزم البنك بتنفيذ امر العميل الامر طبقا للشروط المتفق عليها فيما بينهما ويتم تنفيذ الامر بقيد قيمته في الجانب المدين للعميل الامر ويترتب على ذلك نقص رصيد العميل الامر لدى البنك بمقدار المبلغ المحدد في امر النقل , ولكن بتم النقص تحت شرط واقف وهو القيد في حساب المستفيد الذي لانه من الوقت الذي يجري فيه هذا القيد تكون عملية التحويل المصرفي قد تمت , اما اذا لم يتم القيد لو رفض المستفيد صراحة قبول عملية التحويل المصرفي فان القيد يزول باثر رجعي , ويقوم البنك باجراء قيد عكسي في الجانب الدائن للعميل بقيد مبلغ يعادل ما سبق قيده في الجانب المدين , هذا اذا كان في حساب العميل الامر مبالغ تكفي لتغطية امر النقل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)   د-هاني محمد دويدار, المرجع السابق, ص334-335.
اما اذا كان رصيد العميل لا يكفي لتغطية امر النقل فانه يجوز ان يرد امر النقل على مبالغ يتفق مع البنك على قيدها في حسابه خلال مدة معينة حيث تعتبر هذه المبالغ بمثابة قرض من البنك للعميل الامر . و في هذه الحالة لا يجوز للبنك المطالبة بشطب قيد المبلغ من حساب المستفيد اذا لم يف العميل الامر بهذا المبلغ للبنك بعد اجراء القيد لان علاقة المستفيد بالبنك علاقة مستقلة عن علاقة البنك بالعميل الامر , بالاضافة الى ان المستفيد قد اكتسب حقا بمجرد قيد المبلغ في حسابه وبالتالي لا يجوز المساس بهذا الحق بسبب علاقة خارجة عنه.(1)
الفرع الثاني
اثار التحويل المصرفي في العلاقة بين الامر و المستفيد
يترتب على اجراء التحويل المصرفي ان تبرا ذمة العميل المدين الامر في مواجهة العميل الدائن المستفيد. فالتحويل المصرفي سبيل للوفاء بالديون بدلا عن النقود . ويعتبر علماء الاقتصاد القيود التي تجريها البنوك في شان التحويل المصرفي بمثابة صورة مستحدثة من صور النقود يطلقون عليها النقود القيدية .
ولكن اذا اصدر الامر تكليفه الى البنك باجراء التحويل المصرفي وامتنع الينك عن اجراء القيود اللازمة للتحويل يكون البنك مسؤولا وحده اتجاه المستفيد.(2)
الفرع الثالث
اثار التحويل المصرفي في العلاقة بين البنك والمستفيد
يعد البنك مودعا لديه بالمبالغ التي قيدت في الجانب الدائن لحساب المستفيد وحق المستفيد قبل البنك مستقل تماما عن العلاقة بين البنك و الامر فلا يجوز للبنك ان يحتج على المستفيد باي دفع مستمد من علاقة البنك بالامر.(3)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)   د- عبد الرحمان السيد قرمان, المرجع السابق, ص243-244.
(2)   د- هاني محمد دويدار, المرجع السابق,ص335.
(3)   د-مصطفى كمال طه, د- عاي البارودي, المرجع السابق, ص607.


المطلب الرابع
مسؤولية البنك عن تنفيذ التحويل
قد تنعقد مسؤولية البنك عن التحويل الذي بتم بطريق الغلط او التحويل الذي يجريه متاخرا وقد تنعقد هذه المسؤولية بسبب اجرائه تنفيذا لامر نقل مزور. وهذا ما نتناوله بالدراسة في الفرعيين التاليين :
الفرع الاول
المسؤولية عن التحويل بطريق الغلط وعن التاخير في التنفيذ
1-   المسؤولية عن الغلط :اذا نفذ البنك تحويلا دون ان يكون قد تلقى امرا بذلك او اذا اجرى نقلا بمبلغ زائد عن المبلغ الصادر به الامر يجب التفرقة بين :
ا- للبنك ان يطلب ابطال القيد الحاصل غلطا للمستفيد وليس للمستفيد ان يعترض على ذلك ويكون ابطال القيد باجراء قيد عكسي في الجانب المدين لحساب المستفيد بالمبلغ الذي قيد خطا في الجانب الدائن منه, فاذا كان المستفيد قد سحب المبلغ بالفعل من حسابه كان للبنك مطالبته برده لانه يكون في يد المستفيد بلا سبب. ويستوي ان يكون المستفيد دائنا للامر او غير دائن لان النظر في خصوص هذه المطالبة يكون الى مركز المستفيد من البنك وليس من الامر.
ب-كذلك يكون للبنك ان يسترد من المستفيد المبلغ الذي دفعه اليه تنفيذا لامر شخص لم يكن في حسابه رصيد كاف لتنفيذ هذا الامر متى اثبت البنك غلطه في تنفيذ الامر على هذا النحو.
ج- و بالمثل لو كان الامر قد ارتكب غلطا في ذكر رقم حساب المستفيد المطلوب النقل اليه ونفذ البنك هذا الامر فان له ان يجري قيدا عكسيا لاسترداده فان تعذر عليه ذلك كان الامر مسؤولا عن غلطه  امام البنك .
د- ولكن دعوى البنك او حقه في الاسترداد من المستفيد يتعطل اذا كان الدفع للمستفيد نتيجة خطا او اهمال مهني و اثبت كذلك ان قبول دعوى الاسترداد يسبب له ضررا محققا , فيمكن عندئذ رفض مطالبة البنك على اساس انه مسؤول مسؤولية تقصيرية امام المستفيد وان خير تعويض لجبر الضرر الناشئ عن خطئه هو ابقاء المبلغ المنقول من حق المستفيد و مثال ذلك ان يكون المستفيد قد اعطى على اساس حصول النقل لصالحه مخالصة عنه الى الامر او سحب شيكات على هذا المبلغ او استمر في التعاقد و تقديم توريدات الى الامر . فان لم يكن في الحكم بالاسترداد اضرار بالمستفيد وجب عليه رد المبلغ الى البنك.
ه- اذا تعذر على البنك ان يسترد من المستفيد المبلغ المقدم له غلطا كان له ان يرجع به و بالتعويض عما اصابه على الامر اذا كان هذا الاخير قد تسبب  في الضرر . ومن امثلة خطا الامر ان تكون تعليماته خطا و نفذها البنك بدقة .
وقد يكون ثمة محل للمشاركة بين البنك والامر في المسؤولية اذا نسب الى كل منهما خطا تسبب في وقوع الضرر كما لو كانت تعليمات الامر غير دقيقة و فيها غموض  ولم يحاول البنك استيضاحها منه فطبقها تطبيقا غير صحيح.
2-   المسؤولية عن التاخير :لا يستطيع البنك ان يرفض امر بالتحويل صادر ممن له سلطة تشغيل الحساب اذا كان بالحساب رصيد كاف ويقوم هذا الحكم على اساس ان البنك عندما يقوم بفتح الحساب يتعهد ضمنا ان ينفذ اوامر النقل الصادرة بشان هذا الحساب و التي تتوافر فيها الشروط القانونية و الشروط التي يقضي بها العرف المصرفي كما انه ليس للبنك ان يتحرى عن سبب الامر الصادر اليه بالنقل . وعلى البنك ان ينفذ امر النقل الصادر اليه بدون تاخير و ليس معنى ذلك انه يجب عليه ان ينفذه فورا كما هو الحال بالنسبة للشيك , بل ان عليه الا يتاخر بلا مبرر , فاذا تاخر وسبب ذلك ضررا كان مسؤولا عن تعويضه و يترك للقاضي النظر فيما اذا كان هناك تاخير يؤاخذ عليه البنك.(1)
و المشرع الجزائري في المادة 08 من النظام رقم 94-13 الذي يحدد القواعد العامة المتعلقة بشروط البنوك المطبقة على العمليات المصرفية السالف الذكر يفرض على البنك تقديم تعويض للزبون عن كل تاخير يحدث في تنفيذ عملية مصرفية, حيث جاء فيها  ما يلي :" ينجم عن كلتاخير  يحدث في تنفيذ عملية مصرفية بعد مضي تاريخ القيمة القانوني المشار اليه اعلاه تقديم تعويض للزبون من قبل البنك او المؤسسة المالية " .
الفرع الثاني
المسؤولية عن تنفيذ امر النقل المزور
اذا نفذ البنك امر النقل المزور , تحمل نتيجة هذا التنفيذ اما البنك و اما عميله ايهما يثبت في جانبه الخطا الذي ادى الى هذا التنفيذ . و الغالب عملا ان يكشف القضاء الخطا في جانب البنك لانه مثلا لم يفحص توقيع الامر فحصا جديا  و يتصور خطا العميل في ان يعطي دفتر الاوامر بعد ان يوقعها على بياض الى احد موظفيه الذي يخون الامانة ويسئ استخدامه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)علي جمال الدين عوض, عمليات البنوك من الوجهة القانونية, دار النهضة العربية, القاهرة, 1993, ص217.
ولا يجوز للبنك ان يحبس مما للعميل لديه من ودائع قيمة النقل الذي وقع باطلا بسبب تزوير الامر الذي تلقاه البنك بحجة ان العميل هو المسؤول. (1)



















المبحث الثاني
الحساب الجاري
قد توجد معاملات متبادلة ومتصلة بين شخصين كان يكون كل منهما يبيع ويشتري من الاخر كتاجر الجملة وتاجر التجزئة . او ان يكون احدهما وكيلا بالعمولة يبيع السلع التي يتلقاها من الاخر بصفة متصلة وايضا اذا كان احدهما بنكا والاخر عميلا له ونتيجة لهذه المعاملات المتبادلة يصبح كل منهما دائن بالنسبة الى الاخر في بعض العمليات ومدينا له في البعض الاخر . هذه العمليات المتكررة يمكن تصفيتها على اساس تصفية كل عملية بمفردها بحيث يدفع المدين للدائن ما يتوجب له بذمته وفقا للقواعد العامة وعندئذ لا ضرورة للتعامل على اساس الحساب الجاري . الا ان تكرار التعامل يؤدي الى بعض المشقة وضياع الوقت خاصة عندما يؤدي تكرار العلاقات بين الشخصين المتعاملين الى خروج النقود من احدهما الى الاخر ثم استيفاؤها مرات متعددة خلال فترة قصيرة من الزمن ,من هما انطلقت فكرة الحساب الجاري ,حيث راى الطرفان تسهيلا للتعامل ان يتفقا على تصفية العمليات بينهما عن طريق الحساب الجاري, فيمسك كل منهما سجلا يدون فيه تدريجيا المبالغ الناتجة عن التعامل سواء كان دائنا بهذا المبلغ او مدينا ,ويقومان بتصفية هذه العمليات دفعة  واحدة واستخراج الرصيد الدي تظهره هذه التصفية وبذلك يتسنى للطرفين المتعاملين عن طريق الحساب الجاري ان يسهلا التعامل بينهما وان يصرفا القسم الاكبر من وقتهما في العمل بدلا من اضاعة الوقت في تصفية كل عملية من العمليات على حدى مع ما ينشا عن ذلك من مخاطر نقل المال من مكان الى اخر وكلفة نفقات الانتقال .
وقد نشا الحساب الجاري واستقرت احكامه عن طريق العرف التجاري عموما والعرف المصرفي خصوصا حيث يتسم  هذا الحساب بخصائص جعلته متميزا عن غيره من الحسابات الاخرى .
المطلب الاول
ماهية الحساب الجاري
لدراسة النظام القانوني للحساب الجاري نتناول اولا تعريفه ثم خصائصه ثانيا وبعدها نتعرض لكيفية اثباته والطبيعة القانونية للحساب الجاري بالاضافة الى صوره وشروطه.



الفرع الاول
تعريف الحساب الجاري
يمكن تعريف الحساب الجاري بانه عقد يلتزم بمقتضاه طرفاه بان يقيدا الحقوق و الديون الناشئة عن كل او بعض العلاقات المتبادلة التي تربط بينهما خلال مدة الحساب على ان تتم تصفية الحساب في نهاية هذه المدة.(1)
ولا يشترط ان يكون احد طرفي الحساب مصرفا ,فلا يمنع من الناحية القانونية ان ينشا الحساب الجاري بين تاجرين ما دامت بينهما معاملات متصلة تسمح بتشغيل الحساب كما اذا كان احدهما يبيع للاخر , فيتم الاتفاق بينهما صراحة او ضمنا على ان يمسك كل منهما حسابا باسم الاخر ويدون فيه ما يتم من عمليات بينهما فيدون ديونه في الجانب المدين من الحساب ويدون حقوقه في الجانب الدائن منه. بحيث تفقد كل عملية  تدون في الحساب ذاتيتها وتصبح مجرد مفرد من مفردات الحساب ,ويستمر قيد العمليات على هذا النحو حتى يقفل الحساب في تاريخ معين ويصفى , فيتضح عندئذ مركز كل من الطرفين ازاء الاخر فاما ان يكون دائنا اومدينا , بمعنى ان العمليات تتقاص في الحساب ولا يبقى منها في نهاية الامر الا الرصيد الدائن او المدين وتصفى بذلك جملة عمليات بعملية واحدة كما تقدم ومع ذلك فان الحساب الجاري يفتح غالبا بين البنك وعميله فيدون البنك في الجانب الدائن من الحساب الودائع النقدية التي يسلمها العميل للبنك وقيمة الاوراق التجارية التي يقوم بتحصيلها لحساب عميله بوصفه وكيلا عنه وكطلك فوائد وارباح الاسهم والسندات او قيمتها عند استهلاكها او بيعها بوصفه وكيلا ايضا عن العميل وغير ذلك من الحقوق التي تنشا للعميل لدى البنك ويدون في الجانب المدين من الحساب المبالغ التي يدفعها البنك للعميل كالقروض التي يمنحها له و الاعتمادات التي يفتحها لصالحه والشيكات التي يحررها عليه ويؤدي قيمتها نقدا تنفيذا لاوامره وغير ذلك من الديون التي تنشا في ذمة العميل من تعامله مع البنك.(2) كما انه ليس هناك ما يمنع ان يبرم عقد حساب جار بين البنك و احد العملاء غير التجار حيث ان العميل يمكن ان يرتبط بالبنك من خلال عدة عمليات كالاقتراض والسحب والايداع وشراء العملات الاجنبية فتصب كل  هذه العمليات في الحساب الواحد ولقد انتشر فتح الحسابات الجارية مع العملاء غير التجار مع انتشار
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)   د- هاني محمد دويدار, المرجع السابق, ص337.
(2)   د-عزيز العكيلي, شرح القانون التجاري, الجزء الثاني, الاوراق التجارية وعمليات البنوك, دار الثقافة للنشر والتوزيع, عمان, 2007, ص314-315.

الخدمات الاتمانية التي تقدمها لهم البنوك وكثيرا ما تدق التفرقة في مثل هذه الحالة بين الحساب الجاري و حساب الودائع عندما يكون من حق العميل ايداع وسحب ما يشاء من المبالغ في اي وقت وقد يستوفي البنك حقوقه قبل العميل بانقاص رصيد الحساب الدائن كذلك اذا كان البنك مدينا للعميل يعمد الى تزويد حساب العميل بقيمة الدين.(1)
والفارق الجوهري بين النوعين من الحسابات ( الحساب الجاري وحساب الودائع ) ان الحقوق و الديون الناشئة عن علاقات البنك بالتاجر تفقد ذاتيتها عند قيدها في الحساب الجاري لتصبح مجرد بند من بنوده في حين تظل كافة عمليات الايداع و السحب في حساب الودائع مستقلة بذاتها لا تندمج فيما بينها ,واذا ما تشابهت مظاهر الحسابين الا ان نية الطرفين يمكن ان تدل على ما اذا كان الحساب حساب ودائع ام حسابا جاريا ويستدل على هذه النية من ظواهر متعددة كالاتفاق على تحديد موعد التصفية او ان يرفع احد الطرفين دعوى على الاخر بسبب احدى العمليات دون ان يدفع المدعى عليه باندماج موضوع النزاع في حساب جار , فتمثل الظاهرة الاولى دليلا على ان الحساب جار في حين تنبئ الظاهرة الثانية بان الطرفين بصدد حساب ودائع.(2)
كما ان هناك تعريفات تقليدية للحساب الجاري تدور اغلبها حول كون الحساب الجاري عقد يتعهد بمقتضاه شخصان بتحويل كافة الحقوق و الالتزامات التي تنشا عن العمليات المتبادلة بينهما الى بنود تدرج في الحساب تتقاص فيما بينها تباعا, بحيث لا يتحدد مركز اي منهما الا بقفل الحساب واستخراج الرصيد النهائي الذي يعد هو الدين المستحق لاحدهما على الاخر.  وفضلا عن هذه التعريفات التقليدية للحساب الجاري هناك تعريف حديث يذهب انصاره الى ان الحساب الجاري هو وسيلة لتسوية الديون فيما بين طرفيه وهو كذلك وسيلة لضمان الحقوق المتبادلة لطرفي الحساب ووصولا الى هذا الهدف يتفق الطرفان على ان يخصص طرفاه جميع حقوقهما المتبادلة المدونة في الحساب للوفاء الفوري بطريق الاندماج في رصيد يكون حالا اي دون انتظار قفل الحساب وتكون حقوق كل منهما ضامنة الوفاء لحقوق الطرف الاخر . والفرق بين التعريفين ان تسوية الديون بطريق اندماجها في رصيد تم فورا بموجب التعريف الحديث , فهي لا تؤجل حتى يقفل الحساب كما هو الحال في التعريف التقليدي لان في ذلك تعقيد للامور . ويذهب بعض الفقهاء الى عدم وضع تعريف للحساب الجاري لان احكامه ليست ثابتة جامدة وانما متطورة متغيرة .(3)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)   د- هاني محمد دويدار, المرجع السابق, ص338.
(2)   المرجع نفسه, ص339.
(3)   د- عبد العزيز العكيلي, المرجع السابق, ص317-318.
الفرع الثاني
خصائص الحساب الجاري
الحساب الجاري يمتاز بخصائص معينة جعلته نظاما متميزا عن غيره من انواع الحسابات المصرفية ومن هذه الخصائص ما يلي :
رضائية العقد : يعتبر عقد الحساب من العقود الرضائية التي يكفي لانعقادها توافر الايجاب والقبول دون حاجة الى اتخاذ اجراءات شكلية معينة , واذا كان العمل قد جرى على افراغ العقد في نماذج مطبوعة معدة من البنك سلفا لكن ذلن لا يؤثر على تكوين العقد من الناحية القانونية .
ومادام الحساب الجاري عقدا رضائيا يشترط لانعاقده انعقادا صحيحا ان تتوافر فيه الاركان العامة التي يتعين ان تتوافر في كل عقد وهي الرضا الصادر عن ذي اهلية وخال من العيوب التي تفسد الرضا وان يكونه محل وسبب مشروعان بالاضافة الى ما يجب توافره من شروط عامة في محل العقد من وجوب كونه موجودا ومعينا وقابلا للتعامل.(1)
ولا يشترط ان يكون رضا الطرفين صريحا بل يكفي لن يكون ضمنيا , وفي هذه الحالة الاخيرة على المحكمة عند تحديد طبيعة الحساب ان تستخلص وجود الحساب من ظروف الحال وهي تسترشد في ذلك بالعرف الذي قد يستقر على فتح الحساب في بعض الظروف كما هو الشان بين الموكل والوكيل بالعمولة متى كان بينهما معاملات متصلة, او بين البنك وعميله كلما بلغت المعاملات بينهما قدرا يسمح بتشغيل الحساب . غير انه يتعين ان تتجه الارادة المشتركة الى التراضي على جميع الشروط التي تضمنها عقد فتح الحساب , بحيث يمتنع غلى كل من الطرفين تصفية كل عملية على حدى فتتحول الحقوق المدونة في الحساب الى مفردات تفقد خصائصها الاصلية فاذا لم تتجه الارادة المشتركة الى هذا المعنى فان العقد لا يعد حسابا جاريا لان ادراج العمليات في الحساب تترتب عليه نتائج بعيدة الاثر ولا يجوز ترتيب هذه النتائج الا اذا استندت الى ارادة الطرفين الصريحة او الضمنية ويتوقف نطاق الحساب الجاري على ارادة المتعاقدين فلهما ان يجعلاه شاملا لجميع معاملاتهما او خاص بنوع معين منها.(2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)     د- اكرم ياملكي, الاوراق التجارية والعمليات المصرفية, دار الثقافة للنشر والتوزيع, عمان, 2008, ص276.
(2)     د- عبد العزيز العكيلي, المرجع السابق, ص317-318.

عقد ملزم للجانبين : يرتب عقد الحساب الجاري بمجرد ابرامه اثار بالنسبة لكل من الطرفين باعتباره وسيلة لتسوية المعاملات التي تتم بينهما كما يرى بعض الفقهاء ان عقد الحساب الجاري عقد تابع لان الحساب الجاري يفترض وجود علاقات سابقة كما ان الرابطة لا تنقطع تماما بين القيد الذي يندرج في الحساب وبين العملة التي ادت اليه.(1)
تبعية العقد :يرتبط عقد الحساب الجاري بعمليات قانونية عديدة تربط البنك بالعميل ويتم قيد هذه الحقوق الناشئة في الحساب الجاري لذلك يكون عقد الحساب الجاري عقدا تابعا لدى الكثير من الفقهاء . الا ان عقد الحساب الجاري عقد مستقل عن العلاقات القانونية العديدة التي تربط بين طرفيه , فلا يتوقف وجوده وصحته على صحة العقود التي تنشا عنها الحقوق المقيدة في الحساب الجاري , وانما الصحيح ان اثار عقد الحساب الجاري تتوقف على صحة  هذه العقود . وهذا امر طبيعي وهذا امر طبيعي لان دور الحساب الجاري يقتصر على قيد الحقوق الناشئة عنها , فاذا تم قيد حق من الحقوق ثم ابطل العقد الذي انشاه يجب الغاء القيد عن طريق القيد العكسي . ويتوقف مدى ارتباط الحساب بهذه العقود على اتفاق الطرفين فقد يكون الحساب الجاري عاما يشمل كافة العلاقات التي تنشا بينهما , وانما قد يتقف الطرفان على قصر الحساب على انواع محددة من العلاقات او على جزء منها , وقد يكون للعميل اكثر من حساب جار مع البنك اذا تعددت اوجه نشاطه التجاري ويفضل ان يكون منها حساب جار خاص بها.(2)
استمرارية العقد :يعد عقد الحساب الجاري من العقود المستمرة التي تمثل المدة فيها عنصرا من العناصر الجوهرية وهذا ما تقتضيه طبيعة الحساب نفسه, فاذا كان المراد منه هو قيد كافة الحقوق الناشئة عن علاقات عديدة تنشا بين البنك والعميل دون ان تتم تصفية كل عملية على حدى فمن الضروري ان يمتد الحساب في الزمان ذاك ان علاقات البنك و العميل المتعددة لن تنشا في لحظة واحدة بل تتتابع في الزمان وان كان بعضها من الممكن ان تتعاصر . لكن لا يشترط ان يكون الحساب الجاري محدد المدة ونادرا ما يكون كذلك وفي هذه الحالة يحق لاي من الطرفين طلب تصفية الحساب بشرط اخطار الطرف الاخر بذلك وفقا لما تقضي به القواعد العامة في شان العقود  الزمنية غير محددة المدة.(3)
عقد تجاري :يعتبر عقد الحساب الجاري عقد تجاري دائما بالنسبة للبنك وذلك حسب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)     د-احمد بركات مصطفى, المرجع السابق, ص161-162.
(2)     د-هاني محمد الدويدار, المرجع السابق, ص342-343.
(3)     المرجع نفسه, ص343.

المادة 02 من الفانون التجاري الجزائري " ...... كل عملية مصرفية او عملية صرف او سمسرة او خاصة بالعمولة......"
اما بالنسبة للعميل فان الامر يتعلق على مدى اعتباره تجاريا او مدينا بالنسبة اليه . وفي تحديد الصفة التجارية او المدنية للحساب الجاري بالنسبة للعميل يرى بعض الفقهاء ان العبرة بالطبيعة الغالبة لمجموع العمليات التي تدرج في الحساب , فاذا كانت اغلب هذه العمليات تجارية كان الحساب الجاري تجاريا , اما اذا كانت اغلب العمليات مدنية فان الحساب الجاري يكون مدنيا بالنسبة للعميل . ومع ذلك يرى بعض الفقه ان الحساب الجاري يجب ان يكون تجاريا في جميع الاحوال ايا كانت صفة طرفيه وايا كانت طبيعة العمليات التي تدرج فيه.(1)
لذلك فانه انطلاقا من طرفي التعاقد في الحساب الجاري يمكننا القول ان عقد الحساب الجاري يكون تجاريا اذا تم بين تاجرين او بين مصرف واحد التجار لحاجات تجارته ويكون مختلطا اذا كان احد اطرافه تاجرا والاخر غير تاجر . كما قد يكون مدنيا اذا كان الطرفان من غير التجار . ولكن مهما كانت صفة عقد الحساب الجاري فانها تخضع لذات القواعد المقررة قانونا او عرفا.(2)
عمومية الحساب الجاري : الاصل ان يحدد الطرفين نطاق الحساب الجاري في عقد فتح الحساب , ويتم ذلك بمقتضى رضاهما فيجوز لهما النص على دخول معاملات معينة في الحساب واستبعاد معاملات اخرى , واذا لم يتفق الطرفان صراحة على تحديد نطاق الحساب الجاري , فقد جرى العرف المصرفي على شمول هذا الحساب لكافة الحقوق التي تنشا نتيجة المعاملات المتبادلة بين الطرفين ويقوم هذا العرف على اساس الارادة المفترضة للطرفين بمعنى انهما اذا لم يقبلا هذا الاصل فكان من الضروري النص غلى خلاف ذلك في العقد , ويتم دخول كافة المعاملات دون حاجة الى طلب من احدهما بل يجوز للطرف صاحب المصلحة التمسك بادخالهذه المعاملة في الحساب حتى يضمن بعا حقوقه في مواجهة الطرف الاخر عند اقفال الحساب.(3)
ولكن ليس معنى عمومية الحساب الجاري على هذا النحو ان كل طرف من طرفي الحساب ملزما بالتعامل مع الطرف الاخر فقط دون غيره , وانما المقصود انه اذا تعامل احدهما مع الاخر دخل نتيجة هذا التعامل ( المدفوع )في الحساب الجاري بينهما دون توقف على
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)   د-احمد بركات مصطفى, المرجع السابق, ص262.
(2)   الياس ناصيف, المرجع السابق, ص481.
(3)   د- عبد الرحمان السيد قرمان, المرجع السابق, ص294.
اعلان رغبة الطرف الاخر فقط دون غيره. فاذا كان مع العميل ورقة تجارية ويريد ان يخصها لدى احد البنوك فله ان يتوجه الى البنك الذي يتعامل معه في حساب جار وله ان يتعامل معه في الحساب , فان ما يقدمه العميل للبنك يعتبر مدفوعا طالما كان من المعاملات التي اتفق على دخولها في الحساب الجاري عند ابرام عقد فتح الحساب ويبدو ذلك مبررا بان المدفوع يدخل في الحساب الجاري بمجرد توافر شروطه دون حاجة الى اتفاق جديد او انتظار القيد المادي للمدفوع بل ان البنك يسال عن الاضرار التي تلحق العميل من جراء تاخره في اجراء القيد.(1)
الاستثناءات الواردة على مبدا عمومية الحساب الجاري : اذا لم يتفق الطرفان في عقد فتح الحساب الجاري غلى تحديد نطاقه بعمليات معينة افترض ان ارادتهما اتجهت الى شمول الحساب الجاري لكافة المعاملات التي تتم بينهما ومع ذلك استقر الراي على استثناء بعض التعاملات فلا تدخل في الحساب الجاري , ويؤسس استثناء هذه التعاملات اما على الارادة المفترضة او لاسباب تتعلق بطبيعة بعض الحقوق , ويرى الفقه ان هذه الاستثناءات تؤكد مبدا عمومية الحساب الجري ولا تحد من نطاقه , لانها لا تقوم على مجرد الهوى المفرض لاحد الطرفين .(2)ومن هذه الاستثناءات
1-   المعاملات غير المعتادة , فالاصل ان الغرض من فتح الحساب الجاري بين الطرفين هو تسوية المعاملات المعتادة التي تتم بينهما تبعا لنوع النشاط المتفق عليه ومن هنا يبدو هذا الاستثناء منطقيا لانه يقوم على الارادة المفترضة لطرفي الحساب وعلى ذلك لا يدخل في الحساب الديون الناشئة عن الروابط العائلية والافعال الضارة .
2-   الديون التي يجب ان تتم تسويتها نقدا كالوفاء بقيمة السهم عند الاكتتاب او بقيمة الحصة في الشركة .
3-   المدفوعات التي يتفق الطرفان على تخصيصها لغرض معين كمقابل وفاء لسفتجة اصدرها العميل لمصلحة الغير.
4-   اذا كان للعميل عدة حسابات جارية , فالاصل في هذه الحالة هو استقلال الحسابات ومن ثمة يدخل كل مدفوع الحساب المخصص له ولا يجوز للبنك اعتبار هذه الحسابات حسابا واحدا واجراء المقاصة بينهم ما لم يتفق الطرفين صراحة على هذا الاندماج بين الحسابات.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)   د- عبد الرحمان السيد قرمان, المرجع السابق, ص295
(2)   المرجع نفسه, ص295-296.


الفرع الثالث
شروط المدفوعات في الحساب الجاري
المدفوعات هي روح الحساب اذ تتركب منها مفرداته ودونها لا يكون الحساب الا مجرد اتفاق لم يدخل بعد دور التنفيذ فالمدفوع في الحساب الجاري هو كل قيمة تقيد في الحساب لكونها تنشئ حقا لصالح احد الطرفين ضد الاخر فالعملية التي تتم بين الطرفين وتدون في الحساب تكون نتيجتها حق دائنية لاحدهما قبل الاخر , هذا الاخر عندما يدرج في الحساب لكي تتم تسويته , يكتب في صورة رقم يمثل قيمته نقدا . هذا ما يعيعنيه المدفوع في الحساب فالمفهوم القانوني للمدفوع انه حق دائنية لاحد الطرفين قبل الاخر ومتى دون في الحساب فقد تحول الى مفرد في الجانب الدائن او المدين.(1)
فالمدفوعات تشكل العنصر المادي للحساب الجاري وتعتبر الاحكام المتعلقة بالدفعات احكاما قانونية يجب توفرها بصرف النظر عن ارادة الطرفين المتعاقدين وتختلف الدفعات باختلاف مصادرها , فقد تكون مادية عندما تكون مبلغا من النقود يمثل ثمن البيع او قرضا او كمية من البضائع , وقد تكون قانونية عندما ينشا للمسلم دين على المستلم ناتج مثلا عن اعمال الوكالة او الوساطة او تحصيل قيمة شيك او سندات تجارية....(2)
اذن فالمدفوعات هي حقوق الدافع في مواجهة القابض نتيجة العمليات التي تتو بينهما والمتفق على قيدها في الحساب الجاري اي انها الحقوق المقررة لاحد طرفي الحساب (ويسمى الدافع) في مواجهة الذرف الاخر (ويسمى القابض) وهذه الحقوق تقيد في الجانب الدائن للحساب الجاري (لمصلحة الدافع) ويجب ان يقابلها منح ائتمان من القابض يعادل قيمة المدفوع , ويتمثل هذا الائتمان في امكانية قيد ما يعادل المدفوع في الجانب المدين للحساب اي بمنح الدافع حق السحب بما يعادل الحق الذي دفعه للقابض قبل ذلك . ويستوي في هذا الشان ان تكون حقوق الدافع (المدفوعات) ناشئة عن عقد بيع (يقيد الثمن كمدفوع) او قيمة ورقة تجارية ظهرت للبنك تظهيرا ناقلا للملكية او نتيجة اي تعاملات اخرى وعلى ذلك اذا اودع العميل في حسابه مبلغا من النقود او قيدت نتيجة عملية كان ذلك مدفوعا من البنك والعميل هو القابض وهكذا في كافة العمليات ومن ذلك يتضح ان للمدفوعات دور جوهري في ايجاد الحساب الجاري حيث انه وجد اصلا لقيدها باعتبارها نتيجة تعاملات متبادلة بين طرفي الحساب وهذا يعني انه اذا لم توجد هذه المدفوعات اقتضى ذلك عدم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)   د عبد العزيز اليكيلي, المرجع السابق, ص322-323.
(2)   اياس ناصيف, المرجع السابق, ص486.

وجود الحساب الجاري واصبح عقد فتح الحساب وما به من اتفاقات وشروط كالوعاء الفارغ.(1)
ولكن هل يجوز قيد اي مدفوع ليكون عنصرا من عناصر الحساب الجاري ام ان هناك شروطا يجب توافرها في المدفوع لكي يمنك قيده في الحساب الجاري؟
يشترط لكي يمكن قيد المدفوعات في الحساب الجاري توافر الشروط التالية :
1-   الشروط العامة في محل اي عقد : يشترط في المدفوعات شانها شان اي محل للعقد جميع الشروط العامة من وجوب كونه موجودا ومعينا وقابلا للتعامل.(2)فيكون الحق او الدين موجودا اذا كان خاليا من النزاع وغير معلق على قيد او شرط واقف  اما اذا كان معلق على شرط فاسخ فلا يمنع ذلك من تسجيله كدفعة في الحساب الجاري لانه يعتبر رغم هذا الشرط موجودا, غير انه اذا تحقق الشرط انتفى وجوده ووجب عندئذ الغاء تسجيله والامر كذلك ان كان الحق او الدين مؤجلا حيث انه يعتبر موجودا وان كان ذلك تطبيقا للقواعد العامة بشرط ان يحل اجله قبل اقفال الحساب الجاري اي قبل ختامه والا وجب الغاء التسجيل ايضا.(3)ويكون الحق او الدين معينا اذا كان مقداره محددا ولما كان الحساب الجاري من العقود الزمنية المستمرة فالاصل انه لا تدخل فيه جميع الحقوق او الديون الناشئة بين طرفيه خلال مدته تطبيقا لمبدا شمولية او عمومية الحساب الجاري وان كان هذا المبدا لا يسري الا على الحقوق و الديون الناشئة عن النشاطات التي يمارسها الطرفان عموما دون ان يترتب عليها بصورة استثنائية كتلك الناشئة عن مسؤوليتهما التقصيرية خارج النطاق العادي لنشاطاتهما التي دفعتهما الى فتح الحساب الجاري بينهما .وهذا بالاضافة الى جواز اتفاقهما على تخصيص الحقوق و الديون المشمولة بالحساب الجاري بصورة ادق, وربما عن طريق استبعاد بعض الحقوق و الديون منه وهذا ما يسمى بمبدا التخصيص الاتفاقي للحساب الجاري.(4) ومع ذلك يرى جانب من الفقه انه يكفي ان تتوافر هذه الشروط (معين المقدار, محقق الوجود, غير متنازع فيه) في المدفوع لا عند قيده في الحساب وانما عند قفل الحساب وعلى ذلك يصح في نظرهم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)     د- عبد الرحمان السيد قرمان, المرجع السابق, ص286-287.
(2)     د- اكرم ياملكي, المرجع السابق, ص276.
(3)     المرجع نفسه, ص277.
(4)     المرجع السابق, ص277.


قيد المدفوع المعلق على شرط واقف او غير مقدر ويرى بعض الفقهاء ان هذا الراي غير سليم لان اندماج المدفوعات في الحساب يتعين ان يتم عند قيد المدفوع في الحساب لا عند قفله . وهناك من يرى ان الدين المعلق على شرط واقف او المؤجل يدخل في الحساب ولكن في الجانب المؤجل حتى يتحدد مقداره فينتقل الى الجانب الحال منه ويذهب من بهذا الراي الى القول بوجود نوعين من الدفعات في الحساب المؤجل والحال.(1)
وفي الاخير يجب ان يكون محل العقد قابلا للتعامل فيه اي الا يكون محل الالتزام ممنوعا قانونا او مخالفا للنظام العام والاداب العامة .
2-   ان تكون المدفوعات من المثليات : يشترط في المدفوعات ان تكون المثليات كي تندمج في الحساب وتعد من مفرداته التي تساهم في استخراج الرصيد النهائي عن طريق المقاصة فذلك شرط طبيعي لتحقيق الاندماج بين هذه المدفوعات اذ لا يمكن تحول المدفوعات الى مفردات تفبل المقاصة الا اذا كانت من نوع واحد اي مثلية وحتى تصبح المدفوعات مثلية يتعين تحويلها الى ديون نقدية حتى يمكن اجراء المقاصة بينها لذا فان اشتراط ان تكون من المثليات هو شرط نظري اما من الناحية العملية فان المدفوعات دائما من النقود, لذا لا يجوز الخلط بين المدفوع ومصدره فالمدفوع هو دائما حق شخصي موضوعه هو دفع مبلغ من النقود , اما مصادر المدفوعات فهي متعددة فقد تكون وديعة نقدية او ثمنا في بيع اوراق مالية او قيمة اوراق تجارية قام بتحصيلها البنك لحساب العميل او غير ذلك...
واذا تضمنت مفردات الحساب الجاري ديونا مقومة بعملات مختلفة او اشياء غير متماثلة جاز للطرفين ان يتفقا على ادخالها في الحساب بشرط ان تقيد في اقسام مستقلة يراعى التماثل في المدفوعات التي تضمنتها ويترتب على هذا التقسيم توافر
التماثل بين المدفوعات المدرجة في كل حساب فرعي , ويكون للطرفين الاتفاق على ادراج ارصدة الحسابات الفرعية في الحساب الاصلي عند اقفاله حتى يسفر الحساب عن رصيد واحد بصرف النظر عن تنوع المدفوعات التي اندمجت فيه.(2)
ومن هنا اذا كانت مدفوعات احد الطرفين نقودا وجب ان تكون مدفوعات الطرف الاخر نقودا ايضا. واذا كانت النقود هي الوضع الغالب وخاصة اذا كان الحساب بين ببنك وعميله الا انه يجوز ان تكون المدفوعات منقولات اخرى كالبضائع اذا كان الحساب بين تاجر جملة وتاجر تجزئة او بين وكيل بالعمولة وعملائه , ولا يعني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)      د- عزيز العكيلي, المرجع السابق, ص277.
(2)      المرجع نفسه, ص323-324.
ولا يعني ضرورة تماثل المدفوعات ضرورة ان يكون مصدرها واحد فاذا كان يشترط ان تكون المدفوعات من النقود فيستوي ان يكون مصدرها عقد بيع او وديعة او اي مصدر اخر من مصادر الحقوق.(1)
3-   تسليم الدفعات على سبيل التمليك : لا تقيد الدفعة في الحساب الا اذا كان قد تم تسليمها من الدافع الى القابض على سبيل التمليك لانه لا يجوز اعتبار الدافع دائنا  والقابض مدينا بالقيمة الا بهذا الشرط لذلك لا تقيد في الحساب الجاري الدفعة التي تسلم على سبيل الوكالة او الوديعة مثلا . ولكن اذا كان التمليك شرطا لقيد الدفعة في الحساب الجاري , فان طرق انتقال الملكية تختلف باختلاف ماهية الدفعة , فاذا كانت مبلغا من النقود انتقلت ملكيتها بمجرد تسليمها بقصد قيد قيمتها في الحساب . واذا كانت من الاشياء المثلية تنتقل ملكيتها بايداعها لدى الوديع الذي يلتزم برد ما يعادلها بذات المقدار و النوع . اما اذا كانت اشياء غير مثلية فتظل ملكيتها للمسلم ولا يمكنها بالتالي ان تشكل دفعة في الحساب الجاري , وكذلك الامر في الاشياء المسلمة من الدافع الى القابض على سبيل الوكالة او الرهن , لذلك لا تقيد في الحساب الجاري البضاعة التي يسلمها التاجر الى وكيل بالعمولة لاجل بيعها الا بعد اجراء دين عليه. واذا كانت الدفعة عبارة عن اسناد تجارية فلا تقيد قيمتها في الحساب الجاري الا بعد نقل ملكيتها للمستلم ويتم نقل الملكية عن طريق تظهير الاسناد تظهيرا ناقلا للملكية بعد خصمها لديه . اما الاسناد المظهرة على سبيل التحصيل او الرهن فلا تقيد في الحساب الجاري لان هذا التظهير ليس من شانه ان ينقل ملكية الاسناد من المسلم الى المستلم ز وقد قضت محكمة التمييز الفرنسية بشا ن مصرف استلم اوراقا تجارية لاجل تحصيلها ثم قفل الحساب الجاري بسبب افلاس العميل المسلم ثم قام المصرف بتحصيل قيمة الاوراق التجارية بعد اعلان الافلاس برد قيمة ما حصله عن هذه الاوراق للتفليسة لانها لا تدخل في الحساب الجاري لان حيازة المصرف لها كانت حيازة مادية فقط.(2)
وبالرغم من القواعد العامة في انتقال الحق في قيمة الورقة التجارية وجميع الحقوق الناتجة عنها نهائيا الى المظهر اليه منذ التظهير الناقل للملكية او الخصم وليس منذ القيد في الحساب الجاري فان قيدها فيه لا يعدو عن كونه قيدا مؤقتا باعتبار ان الحق في الورقة التجارية في هذه الحالة معاق على شرط فاسخ وهو كما سبق شرحه في
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)   د- عبد الرحمان السيد قرمان, المرجع السابق, ص288.
(2)   الياس ناصيف, المرجع السابق, ص490-491.


الشروط العامة لمحل العقد من وجود الحق او الدين لا يمنع ولا يحول دون تسجيله في الحساب الجاري , لكونه موجودا على وجه التاكيد  وان كان معرضا للزوال بتحقق هذا الشرط  و لا مفر عندئذ من الغاء تسجيله بقيد عكسي , ويقصد بالقيد العكسي قيد ما يعادل قيمة الورقة التجارية في الجانب المدين في الحساب الجاري.(1)ويترتب على انتقال ملكية المدفوع للقابض عدة نتائج قانونية منها :(2)
1-   ما دام القابض يتملك المدفوع لذا يحق له التصرف فيه وبالتالي لا يعد مرتكبا لجريمة خيانة الامانة لان من حق المالك ان يتصرف في ملكه .
2-   لا يجوز للدافع استرداد المدفوع من القابض او من تفليسته ان اشهر افلاسه ما دام الدافع فقد ملكيته للمدفوع .
3-   تقع تبعة هلاك المدفوع على القابض باعتباره مالكا له لان تبعة الهلاك تقع على المالك وفقا للقواعد العامة.
تحديد تاريخ ادخال الدفعة في الحساب الجاري :
لهذا التاريخ اهمية كبرى اذ بتحديده يتحدد تحويل الدفعة من عملية لها وجود خاص وكيان مستقل الى بند يفقد كيانه المستقل ويندمج مع سائر القيود في الحساب الجاري . وبتحديده ايضا يتحدد تاريخ انتقال ملكية الدفعة من الدافع الى القابض مع ما لها من تاثير واهمية في حالة الافلاس.(3)
وقد اختلفت الاراء بشان تحديد تاريخ  ادخال الدفعة في الحساب الجاري فقال بعضها :
-         ان الدين يعد قد دخل في الحساب الجاري وصار مفردا من مفرداته من وقت توافر الشروط اللازمة لاعتباره منمدفوعات الحساب الجاري لا من وقت قيده فعلا اذ ما القيد الا المظهر المادي لتنفيذ الاتفاق السابق بين الطرفين على ادراج الديون التي تنشا بينهما في الحساب . وعلى ذلك اذا كان المدفوع ثمنا في بيع عد من مفردات الحساب من وقت وقوع البيع لا من وقت قيده في الحساب فاذا افلس المشتري بعد وقوع البيع وقبل تسلم المبيع فلا يحول الافلاس دون قيد العملية في الحساب الجاري اذ يعد الافلاس قد وقع بعد قيد العملية , وذلك لان المدفوع يفقد ذاتيته بمجرد توافر شروطه دون انتظار عملية القيد التي قد تتاخر في بعض الاحيان , كما ان ملكية المدفوع تنتقل بمجرد توافر هذه الشروط ولا يتوقف ذلك على عملية القيد المادي.(4)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)   د- اكرم ياملكي, المرجع السابق, ص280.
(2)   عزيز العكيلي ,المرججع السابق, ص326.
(3)   الياس ناصيف,المرجع السابق, ص492.
(4)   عزيز العكيلي,المرجع السابق, ص326.
-         ويذهب راي اخر الى القول بان الدفعة تدخل في الحساب الجاري وقت القيد المادي باعتبار ان هذا القيد هو تعبير عن رغبة الطرفين في ادخال الدفعة في الحساب الجاري.(1)
الا ان الراي الاول هو الراجح فقها وقضاء لانه لم يربط بين القيد المادي وادخال الدفعة في الحساب الجاري حيث اعتبر ان هذا القيد قد يتقدم او يتاخرلاسباب عرضية لذلك يتحدد تاريخ ادخال الدفعة في الحساب الجاري بتاريخ توفر الشروط اللازمة لهذا الدخول وهو تاريخ انتقال ملكية المدفوع من الدافع الى القابض.(2)
ولكن هل يكفي ان تقدم مدفوعات تتوافر فيها الشروط السابقة حتى يسبغ على الحساب الذي قيدت فيه وصف الحساب الجاري ام يشترط ان تقدم هذه المدفوعات على نحو معين اثناء تشغيل الحساب؟
هذا ما سنجيب عنه فيما يلي :
4-   تبادل وتشابك المدفوعات :لا يكفي ان توجد المدفوعات حتى يمكن القول بان الحساب حسابا جاريا وانما يجب ان تتم هذه المدفوعات بين طرفي الحساب وان يكون هذا التبادل تشابكيا فما المقصود من التشابك وما المقصود من التبادل؟
1-تبادل المدفوعات :يعني تبادل المدفوعات ان يقوم كل من طرفي الحساب الجاري بدور القابض حينا ودور الدافع حينا اخر بحيث يقوم كل طرف منهما بدور الدائن احيانا ودور المدين احيانا اخرى بمعنى ان المدفوعات المتتالية بينهما تسفر عن نتائج تقيد في الجانب المدين لاحد الطرفين واحيانا في الجانب الدائن لنفس العميل . فيتبادل الطرفان صفة الدائن والمدين خلال مدة تشغيل الحساب حتى يقفل وتصفى العمليات المقيدة فيه عن طريق المقاصة . وعلى ذلك اذا احتفظ احد الطرفين بصفة واحدة في الحساب بان يكون الدائن او الدافع بصفة مستمرة او ان يكون هو القابض (المدين) بالنسبة لجميع المدفوعات فلا يعد هذا الحساب حسابا جاريا.(3)
حيث يجب ان تكون الدفعات متبادلة او على الاقل ان توجد امكانية قانونية لهذا التبادل , اما اذا كان التبادل منفيا على الاقل من الناحية القانونية فانه لا يوجد حينئذ الا مجرد تسليفات يمنحها احد الفريقين للاخر ضمن نطاق عقود مختلفة الا انها ليست حسابا جاريا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)   الياس ناصيف, المرجع السابق, ص492.
(2)   د- عبد الرحمان السيد قرمان, المرجع السابق, ص291.
(3)   د-عزيز العكيلي, المرجع السابق, ص326.
ولا يشترط ان يتم التبادل فعلا وانما يجب ان يقوم قصد الطرفين على حدوث ذلك بمقتضى شروط عقد فتح الحساب ولو لم يحدث هذا التبادل فعلا.(1)
وتطبيقا لما تقدم لا يعد حسابا جاريا الحساب الذي يتفق عند فتحه على ان يقوم احد الطرين بايداع مبالغ في الحساب دون ان يكون من حقه سحبها خلال مدة تشغيل الحساب , اذ لا يتبادل الطرفان صفتي الدائن والمدين وانما يقوم احدهما وهو الدافع بدور الدائن دائما ويقوم الاخر وهو القابض بدور المدين باستمرار فلا يتلقى الحساب الا مدفوعات تدون في جانب المدين ويظل جانب الدائن خاليا . وعلى العكس يعد حسابا جاريا متى كان مفتوحا بين البنك وعميله وكان العميل يودع في الحساب مبالغ نقدية متتالية ثم يقوم بسحب مبالغ منها من وقت لاخر . سواء كان السحب نقدا اوعن طريق تحرير شيكات او تحويل مصرفي من حسابه لحساب شخص اخر  . اذ يصبح العميل دائنا والبنك مدينا عند كل عملية ايداع نقدية وتدوينها في الجانب الدائن من الحساب , ثم يصبح العميل مدينا والبنك دائنا عند سحب الحساب ويتحقق بذلك شرط تبادل المدفوعات. ولا يحول دون ذلك ان يكون الحساب من النوع المكشوف من جانب واحد وهو الحساب الذي لا يجوز فيه للعميل سحب مبالغ اكثر من المبالغ التي اودعها لان تبادل المدفوعات متوافر في هذا الحساب وكل ما في الامر ان الحساب يقطع بعد قيد كل عملية فيه ولا يقوم البنك بالدفع الا اذا كان الرصيد المؤقت للحساب دائنا بالنظر الى البنك اي ان البنك يحوز مقابل وفاء للمبلغ المطلوب منه دفعه.(2)
ووجوب تبادل المدفوعات لا يعني بالضرورة ان تكون المدفوعات متبادلة فعلا بل يكفي ان يكون ذلك ممكنا بحسب مجرى العمليات وشروط العقد وهذا ما قضت به محكمة التمييز الفرنسية.(3)
2-تشابك المدفوعات : يعتبر هذا الشرط مكملا للشرط الاول (تبادل المدفوعات) فلا يكفي لوجود الحساب الجاري ان توجد بين البنك وعميله عمليات متصلة ومتبادلة بل يشترط ان تكون المدفوعات متشابكة ايضا اي متداخلة بحيث تكون مدفوعات كل من الطرفين محاطة بمدفوعات الطرف الاخر وعلى ذلك لا يعد حسابا جاريا الحساب الدي يشترط فيه الا تبدا مدفوعات احد الطرفين الا حين  تنتهي مدفوعات الطرف الاخر. اذ يعد التكييف القانوني لهذا العقد انه عقد قرض عادي يدفع بمقتضاه البنك مبلغا على سبيل القرض على دفعات وفق شروط العقد . وعلى العكس اذا اتفق البنك والعميل على ان يكون من حق الاخير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)   د- عبد الرحمان السيد قرمان, المرجع السابق, ص292.
(2)   عزيز العكيلي, المرجع السابق, ص326-327.
(3)   الياس ناصيف, المرجع السابق, ص492.
سحب مبلغ القرض تباعا وسدده على اقساط, وكلما دفع قسطا كان من حقه ان يعود الى سحبه ثم رده ثم سحبه وهكذا يدون البنك في جانب الخصوم المبالغ التي يسحبها من القرض وفي جانب الاصول المبالغ التي يردها الى البنك فان الحساب في هذه الحالة يعد جاريا لان مدفوعات الطرفين تتداخل فيما بينها ويحيط بعضها بعض ولا يشترط ان يتحقق تشابك المدفوعات فعلا كي يعد الحساب جاريا وانما يكفي ان يكون ذلك ممكنا حسب شروط العقد. فاذا ثبت ان ارادة الطرفين لم تتجه الى فتح الحساب بينهما بحيث تكون مدفوعاتهما متشابكة لا يعد الحساب جاريا على ان شرط تشابك المدفوعات محل خلاف بين الفقهاء فمنهم من يعده شرطا من شروط الحساب الجاري ومنهم الفقيه هامل, ومنهم من يرى عدم لزوم هذا الشرط وعلى راسهم كابرياك وبيكيه , والذين لايعدونه شرطا يذهبون الى انه في حالة القرض المتبوع بالسداد لا يعد الحساب جاريا لان الطرفين لم يواجها مدفوعات تفقد ذاتيتها في الحساب , بل ان المدفوعات تظل معتبرة وفاء ولا دخولها في الحساب , وليس هناك ارادة مشتركة في مقاصة تقع عند قفل الحساب بين مفردات متقابلة بل ان كل ما هنالك هو قرض وسداد لهذا القرض فليس هناك سوى مدفوعات من جانب واحد ولذلك فالحساب ليس جاريا وهكذا يمكن ان يغني شرط التبادل عن شرط التشابك .ويرد بعضهم على هذا الراي بقوله :  " لا بد من امكان تشابك المدفوعات في الحساب الجاري , اذ ان تبادل المدفوعات وتشابكها امران يرتبطان اشد الارتباط بجوهر فكرة الحساب الجاري بحيث لا يمكن ان يعتبر كذلك اذا تخلف احدهما "
وفي هذا المجال يجب عدم الخلط بين تبادل المدفوعات كشرط لوجود الحساب الجاري عموما وبين الحساب الجاري المتبادل او المكشوف من الجانبين او من جانب واحد حيث يتعلق الاول بامكانية ان يكون لكل من طرفي الحساب الحق في ان يكون دافعا او قابضا على فترات متتالية اثناء تشغيل الحساب , اما الثاني فيعني امكانية ان يكشف الحساب الجاري في اي لحظة عن مديونية احد الطرفين وهذا هو الحساب المكشوف من جانب واحد.(1)
ولا شك ان تبادل وتشابك المدفوعات في الحساب الجاري يرتبط بضرورة ان تتعد العمليات التي تقيد كمدفوعات في الحساب الجاري بين الطرفين , بحيث لا يعتبر حسابا جاريا الذي يقصر على عملية واحدة . وليس من الضروري تعدد العمليات فعلا وانما يجب قيام هذا القصد لدى الطرفين عند ابرام عقد فتح الحساب الجاري وبذلك يكتسب الحساب الجاري صفته كحساب جاري ولو لم يحصل التعدد فعلا. (2)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)   د- عزيز العكيلي, المرجع السابق, ص327-328.
(2)   د- عبد الرحمان السيد قرمان, المرجع السابق, ص293.
الفرع الرابع
صور الحساب الجاري
يجري العرف المصرفي على التمييز بين صورتين من الحساب الجاري هما :
الحساب الجاري المكشوف من جانبين :هو الحساب الذي يمكن ان يكشف في اي وقت عن مركز مدين او دائن لاحد طرفيه اي ان احتمال الدائنية والمديونية قائم بالنسبة للبنك والعميل , حيث يجوز للعميل ان يسحب اكثر مما له في الحساب وتحدد طبيعة العقد بالاتفاق على ذلك عند ابرام عقد فتح الحساب او طبقا لما استقر عليه العرف المصرفي او تبعا لما جرى عليه التعامل بين الطرفين.
الحساب الجاري المكشوف من جانب واحد : هو الحساب الذي يشترط فيه ان يكون احد طرفيه دائن بصفة مستمرة او مدينا بصفة مستمرة ولا يمكن تغيير مراكزهم في اي فترة طوال مدة  تشغيل الحساب , كان يشترط البنك على العميل عدم السحب من الحساب اذا وصل الرصيد الى حد معين او لا يجوز له السحب الا بقدر ما له في الحساب , وكذلك يكون الحساب مكشوفا من جانب واحد اذا فتح البنك للعميل اعتمادا او منحه قرضا مع فتح حساب جاري فالبنك يظل دائنا بصفة مستمرة حتى يتم تسديد القرض في نهاية مدة الحساب. وكما هو الشان في الحساب المكشوف من الجانبين , فان تحديد طبيعة الحساب تتم بالاتفاق الصريح او الضمني بين الطرفين او تبعا لما جرى عليه العرف المصرفي.(1)
التمييز بين الحساب العادي والحساب الجاري :
يشترك الحساب الجاري مع الحساب العادي في ان كل منهما يحتوي على جانبين احدهما دائن والاخر مدين , يقيد فيهما تعاملات العميل والبنك فيقيد ما يسحبه العميل في جانب المدين ويقيد ما يودعه في الجانب الدائن, ولكن اذا كان قيد العملية هو مجرد اثبات حصولها بين الطرفين مع احتفاظ العملية المقيدة بذاتها وصفاتها . اي ان الحساب لا يعدو ان يكون مجرد تمثيل حسابي لعلاقة البنك بالعميل فهذا حساب عادي كما هو الشان في حساب الوديعة النقدية . وهو في ذلك يختلف عن الحساب الجاري الذي يترتب على قيد المدفوع فيه فقدان طبيعته ويتحول الى مجرد مفرد من مفردات الحساب بمقتضى نوع من التجديد , وبذلك يندمج مع مفردات الحساب الاخرى في وحدة فير قابلة للتجزئة. ولا يزهر من هذا المدفوع علاقة دائنية او مديونية بين الطرفين , حيث يؤجل ظهور هذه العلاقة الى وقت قفل الحساب ومعرفة الرصيد النهائي الذي يعتبر دينا مستحق الاداء .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)   د-عبد الرحمان السيد قرمان, المرجع السابق, ص280-281.
والذي يحدد طبيعة الحساب هو قصد الطرفين من وراء قيد المدفوع في الحساب, فاذا قصدا احتفاظ كل مدفوع بطبيعته واستقلاليته داخل الحساب كان حسابا عاديا, اما اذا قصدا فقدان المدفوع لطبيعته وانصهاره داخل الحساب حتى يقفل وبظهر الرصيد النهائي فهو حساب جاري. وقصد المتعاقدان قد يكون صريحا في الدلالة على طبيعة الحساب ومع ذلك قد يفهم من هذا القصد ضمنا من محل شروط العقد او ما جرى عليه التعامل بين الطرفين , واذا اتضح قصد الطرفين في تحديد طبيعة العقد فلا يؤثر ذلك في كيفية تغذية الحساب وحيث يستوي ان تكون المدفوعات قرضا قدمه البنك للعميل او وديعة دفعها العميل عند فتح الحساب او اوراق تجارية ظهرت الى البنك تظهيرا ناقلا للملكية او اتفق على تغذية الحساب بتحصيل ارباح اوراق مالية مملوكة للعميل . وتترجم هذه الارادة بالاتفاق على حق العميل في السحب والايداع من الحساب . ومن الجدير بالذكر ان ارادة الطرفين وحدها لا تكفي لاسباغ وصف الحساب الجاري وانما يجب توافر الشروط الاخرى التي اذا لم تتوافر لا يعتبر الحساب كذلك وانما يعتبر حسابا عاديا.(1)
التمييز بين حساب الودائع والحساب الجاري :
يختلف الحساب الجاري عن حساب الودائع في ان الدفعات في الحساب الجاري تفقد كيانها واستقلالها الذاتي وتندمج في مجموعة واحدة لا تتجزا , بينما تحافظ الدفعات على استقلالها وذاتيتها في حساب الودائع وعلى الاثار المترتبة عليه والضمانات الخاصة بها. وينشا عن ذلك انه يمكن ان تكون كل دفعة موضوع نزاع مستقل ودعوى خاصة بها , بعكس الدفعات المقيدة في الحساب الجاري التي لا يمكنها ان تكون بصورة منفردة موضوعا لدعوى مستقلة وهذا ما يوجب تحديد نوع الحساب . نظرا لاختلاف المفاعيل المترتبة عليه فيحدد الاتفاق ماهيته مثلا كما سبق شرحه عند تعريف الحساب الجاري. وعلى افتراض ان الاتفاق لم يحدد بشكل واضح نوع الحساب فان هناك ميزات تكشف طبيعته من الناحية العملية . اذ يغلب ان يكون الحساب بين تجار وان لم يكن ذلك شرطا ضروريا او بين مصرف او تاجر او صاحب حرفة معينة. بينما حساب الودائع يكون عادة بين المصرف والمدخرين ومن الناحية العملية قد يتضمن الحساب الجاري فتح اعتماد لمصلحة العميل تقيد فيه قيمة الاعتماد وعندئذ يستطيع العميل عند اجراء مدفوعات في الحساب ان يستفيد من الاعتماد المفتوح , فيكون له حق اجراء مسحوبات جديدة في حدود هذا الاعتماد , بينما لا يتضمن حساب الودائع بصورة عامة فتح اعتماد من قبل المصرف لمصلحة العميل لان الحساب بين المصرف والمودع عادة ما يكون له طابع الاستهلاك وليس طابع الانتاج.(2)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)   د-عبد الرحمان السيد قرمان, المرجع السابق, ص282-283.
(2)   الياس ناصيف, المرجع السابق, ص484.      
الطبيعة القانونية للحساب الجاري وكيفية اثباته :اختلف الفقهاء في تحديد الطبيعة القانونية للحساب الجاري من ناحيتين, الاولى تتعلق بمعرفة ما اذا كان الحساب الجاري عقدا , والثانية تتعلق بتحديد طبيعة هذا العقد . فقد ذهب بعضهم بالنسبة للمسالة الاولى الى ان الحساب الجاري ليس عقدا وانما مجرد وسيلة او وظيفة او طريقة محاسبية تتعلق بمسك الدفاتر التجارية , فالحساب الجاري وفقا لهذا الراي يعد وسيلة محاسبية تسوى بموجبها مفردات العمليات التي تقع بين البنك وعميله , اذ يدون في الجانب الدائن من الحساب حقوق العميل التي تنشا بمناسبة التعامل مع البنك ويدون في الجانب المدين من الحساب الديون التي تنشا في ذمة العميل للبنك والتي تنشا بمناسبة تعامله معه. وقد انتقد هذا الراي لانه يخلط بين العقد وبين مظهره المادي , ذلك لان الحساب الجاري يتلو العقد  الذي ينشئه في الوجود ويعد تجسيدا ماديا لمختلف العمليات التي ترتبط بهذا العقد لذا فان هذا الراي قد هجر منذ مدة ولم يعد يقول به احد , وقد اجمع الفقهاء في الوقت الحاضر على ان الحساب الجاري عقد ولكن الخلاف ثار في تكييف  هذا العقد , فنظر بعضهم الى العمليات التي تدون في الحساب وكيف عقد الحساب على ضوء هذه العمليات فمنهم من قال انه عقد قرض تبادلي وهو راي منتقد لانه لا يتفق مع حقيقة قصد الطرفين اذا لم ينصرف قصدهما الى الاقراض والاقتراض ومنهم من قال انه عقد قرض ووكالة , وهذا الراي منتقد بدوره ذلك لان فكرتي القرض والوكالة لا تنسجمان مع بعضهما , لان من تكون له صفة المقترض تثبت له ملكية مبلغ القرض, وبالتالي تكن له سلطة التصرف فيه, في حين لا تمكنه صفة الوكيل من التصرف في محل الوكالة . وهذان الرايان يخلطان بين العقد والمفردات التي تقيد فيه وبالتالي قد تكيف بانها عقد قرض او وكالة او وديعة او حوالة كما يعدان انكارا للتعبير على العمليات التي تقيد في الحساب اذ تفقد هذه العمليات صفاتها وذاتيتها وتصبح مفردا من مفردات الحساب فتذوب فيه وتندمج في غيرها من المفردات وينتج عن هذا المزج دين واحد وهو دين الرصيد.(1)
وعقد فتح الحساب الجاري شانه شان سائر العقود يخضع في تكييفه لسلطة محكمة الموضوع ومن ثمة لا عبرة بما يضفيه المتعاقدان على العقد من وصف انه جاري لان العبرة بالشروط التي يتضمنها العقد وما اذا كانت تتضمن خصائص الحساب الجاري ام لا لذلك كثيرا ما يصف البنك حسابا بانه حساب جاري ولكن عندما يثار نزاع بشان هذا العقد ويعرض الامر على القضاء يتبين ان التكييف القانوني للعقد انه حساب عادي وليس جاري لان شروط العقد لا تتضمن خصائص الحساب الجاري.(2)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)   د- عزيز العكيلي, المرجع السابق, ص320-321.
(2)   د- عبد الرحمان السيد قرمان, المرجع السابق, ص278.
والراي الراجح يكيف الحساب الجاري بانه عقد من نوع خاص له ذاتيته المستقلة عن غيره من العقود وله قواعده الخاصة واحكامه التي فرضها العرف المصرفي وطور قواعده.(1)
ويخضع اثبات عقد الحساب الجاري الى القواعد العامة في اثبات العقود التجارية حيث يجوز اثباتها بكافة طرق الاثبات بالنسبة لمن يعتبر العقد تجاريا بالنسبة له. ولما كان العقد تجاريا بالنسبة للبنك دائما فانه يجوز للعميل ان يثبت في مواجهته بكافة الطرق اما يالنسبة للعميل فالامر يتوقف على طبيعة العقد , فاذا كان تاجرا او كان الفرض من العقد تسوية الديون الناشئة عن عمليات تجارية فان العقد يعتبر تجاريا بالنسبة لطرفيه . اما اذا كان العميل غير تاجر او كان فتح الحساب لاغراض غير تجارية فان العقد يعتبر مدنيا ومن ثم يخضع اثباته في مواجهة العميل للقواعد العامة لاثبات العقود المدنية . ومع ذلك فان العمل قد جرى على اثبات هذا العقد عن طريق النموذج الذي يعده البنك ويوقع عليه العميل عند فتح الحساب.  











ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)   د- عزيز العكيلي, المرجع السابق, ص321.


المطلب الثاني : آثار الحساب الجاري
استقر الرأي منذ عهد بعيد على أنه يترتب على اتفاق شخصين على تسوية معاملاتهم المتبادلة طبق لقواعد الحساب الجاري ثلاث آثار رئيسية هي : 1- انتقال ملكية النفقات 2- تحول الدين الذي يدخل في الحساب إلى مجرد قيد أو مفرد من مفردات الحساب الجاري 3- عدم قابلية المفردات (الحقوق) التي تقيد في الحساب الجاري للتجزئة .
الفرع الأول : انتقال ملكية الدفعات
حيث تنتقل ملكية المدفوعات من مسلمها إلى قابضها باستثناء ما إذا كانت الدفعات إسناد تجارية أي أوراق تجارية، حيث يكون انتقال ملكيتها معلق كقاعدة عامة على شرط فاسخ في حالة عدم تسديد قيمتها في مواعيد استحقاقها  كما أوضحناه في بحثنا في شرط تسليم النفقة على سبيل التمليك ويترتب على انتقال ملكية الدفعات إلى قابضها كل ما يترتب على انتقال ملكية الأموال من آثار وفي مقدمتها حق القابض في التصرف في الدفعة المنتقلة إليه دون وقوعه تحت طائلة عقوبة خيانة الأمانة، مثلما يترتب عليه بالمقابل تبعة هلاكها طبقا للقواعد العامة (1)
الفرع الثاني : تغيير صفة الدين (الأثر التجديدي)
متى توافرت الشروط اللازمة في المدفوعات التي تقدم بيانها ودونت في الحساب الجاري تتحول إلى مفردات فيه فبمجرد أن يدخل المدفوع في الحساب الجاري يفقد خصائصه حيث يتغير جوهر الحق إذ أن الدين بعد ذلك لا يكون قابلا للإيفاء أو للمقاصة ولا للمداعاة ولا لإحدى طرق التنفيذ ولا للسقوط بمرور الزمن، وتزول التأمينات الشخصية أو العينية المتصلة بالديون التي  أدخلت في الحساب الجاري ما لم يكن اتفاق مخالف بين الفريقين (2)  .
حيث يتحول الدين إلى مفرد من مفردات الحساب الجاري ويندمج في الحساب، ويمتنع على الدافع المطالبة لهذا المدفوع ويقتصر حقه على المطالبة بالرصيد بعد إقفال الحساب والمدفوعات التي تدون في الحساب الجاري تنشأ كما تقدم من مصادر مختلفة فقد تكون دفوعات نقدية أو تحصيل قيمة أوراق تجارية أو اعتمادات مالية أو غير ذلك ولكن كل مدفوع من هذه المدفوعات أيا كان مصدره يفقد صفته الأصلية لإيفاء الدين ويتحول إلى مفرد يدرج في الحساب الجاري ويندمج مع غيره من المفردات.
 ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) د أكرم يا ملكي، المرجع السابق، صفحة 283
(2) إلياس نصيف، المرجع السابق، ص 495
ولا يكون هناك دائن بهذا المدفوع أو مدين، وإنما يكون كل من الطرفين دائنا احتماليا بما يسفر عنه تصفية الحساب عند قفله، حيث تجري عملية مقاصة واحدة بين المدفوعات المدرجة في الجانب الدائن من الحساب والمدفوعات المدرجة من الجانب المدين من الحساب، وعلى ضوء هذه المقاصة تتحدد صفة الدائن والمدين بصورة نهائية وعلى ذلك يترتب على تدوين المدفوع في الحساب الجاري أن يصبح حقا للدائن في موجهة القابض ذلك لأن قيد المدفوع دين لصالحه، واعتبار المدفوع مفردا في الحساب يتضح مفهومه في حالة قيام أحد البنوك بفتح اعتماد مالي لعملية وهذا الاعتماد قد يكون مقترنا بحساب عادي أو حساب جاري (1) .
وإذا كان الرأي قد استقر فقها وقضاء على أن تدوين المدفوعات في الحساب الجاري يفقدها صفتها كوفاء وتصبح من مفردات الحساب، فمازال هناك اختلاف في الرأي حول ماهية هذا التحول فذهب الفقه التقليدي إلى أن تحول المدفوعات هو تجديد للالتزام في حين ذهب الرأي الحديث إلى أن تحول المدفوعات ينطوي على عمليات مقاصة متتالية وقيل بأنه تحول من طبيعة تجارية
نظرية التجديد :
ذهب الفقه فترة طويلة من الزمن إلى القول بأن المدفوعات التي تدون في الحساب تخضع لمبدأ التجديد الذي تنص عليه القوانين المدنية ومعنى التجديد في هذا الصدد ان الدين القديم ينقضي ويتحول إلى مفرد من مفردات الحساب ويشترك بهذه الصفة في إنشاء الدين الجديد وهو دين الرصيد الذي ينتج عن قفل الحساب وتصفيته فالتجديد بهذا المعنى ينشأ عنه التزام جديد محل التزام قديم مغاير له في عنصر من عناصره ولعل أهمها : تغيير السبب فالمدين الذي يكون ملتزما بالتزام أصلي هو دفع قيمة الدين يصبح ملتزما بالتزام جديد بعد قيد الدين في الحساب هو دفع رصيد هذا الحساب (2) .
وتطبيقا لمبدأ التجديد رتبوا على قيد المدفوعات في الحساب الجاري النتائج التالية (3)
1-   إذا كان الدين قبل قيده في الحساب مدنيا أو تجاريا فقد صفته واكتسب صفة الحساب الجاري الذي يعد عملا تجاريا (حسب المادة 2 من القانون التجاري) .
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) د عزيز العكيلي، المرجع السابق، ص 330-331
(2) إلياس نصيف، المرجع السابق، ص 499
(3) د عزيز العكيلي، المرجع نفسه، ص 333-334 

2-   إذا كان الدين مما لا تسمح الدعوى بشأنه بالتقادم القصير قبل تدوينه في الحساب فقد هذه الخاصية بمجرد تدوينه إذ يفقد ذاتيته بالتالي لا تسمح الدعوى بشأنه إلا بمدة تقادم الحساب الجاري .
3-   تنقضي الدعاوى التي تحمي الديون بمجرد تدوينها في الحساب وتحل محلها دعوى واحدة تحمي دين الرصيد .
4-   إذا كان الدين مصحوبا بتأمينات خاصة فإنه يفقدها بمجرد قيده في الحساب الجاري سواء أكانت هذه التأمينات قانونية كحق الامتياز أم اتفاقية كالرهن أو الكفالة، ومع ذلك يجوز ان يتفق الطرفان على إبقاء التأمينات لضمان دين الرصيد متى اتضح أنه دائن بالنسبة لمن تقررت التأمينات لمصلحته .               
5-   إن القيد في الحساب يرتبط في وجوده وصحته بوجود وصحة الالتزام الأصلي لأن التجديد لا يتم وفقا للقوانين إلا إذا كان الالتزامان القديم والجديد قد خلا كل منهما ما أسباب البطلان أو الفسخ، فالدين المدون في الحساب يظل مرتبطا بمصدره أي بالعلاقة الأصلية التي نشأ عنها فإذا انقضت هذه العلاقة بالبطلان أو الفسخ وجب إلغاء القيد من الحساب يقيد الدين قيدا عكسيا، إذ يصير المفرد الذي دون في الحساب دون سبب فيتعين إلغاؤه وعلى ذلك إذا حكم ببطلان الدين ثابتا في ورقة تجارية ولم يتم تحصيل قيمتها لأن قيد قيمة الورقة التجارية في الحساب الجاري معلق على شرط التحصيل .
ولم يجمع الفقه على قبول فكرة التجديد في نطاق الحساب الجاري بل انقسم بين مؤيد ومعارض (1) .
ومن أشد خصوم فكرة التجديد الفقيه إسمان على اعتبار أنها لا تسمح بذاتها بتفسير كافة الآثار الناشئة عن الحساب الجاري، فالتجديد يجب أن يؤدي إلى إحلال دين جديد محل دين قديم في حين أن قيد المدفوع في الحساب لا ينشئ دينا جديدا للدافع خلال الفترة التي تمر فيها بين وقت دخول المدفوع في الحساب ووقت قفل الحساب كما أن الدافع قد لا ينشأ له حق إطلاقا عند قفل الحساب فمن دفع مبلغ قيد الحساب قد لا يكون في نهاية الحساب دائنا، تبعا لمجرى العمليات وما يترتب عليها من مدفوعات متبادلة . فقد ينقلب الوضع ويصبح الدافع لحق معين مدين بمقدار الرصيد عند قفل الحساب ومن ناحية أخرى فإن التجديد لا يفترض في المسائل التي يحرص عليها القانون التجاري فضلا عن ذلك ففي التجديد وحدة قانونية وفي الحساب الجاري وحدة حسابية ولذلك فالمنطق يؤدي إلى القول إن دخول الدين
ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) د عزيز العكيلي، المرجع السابق، ص 334
 في الحساب الجاري لا يكون تجديدا بالمعنى القانوني وتفاديا لهذه الانتقادات ذهب الفقه التقليدي إلى القول بأن تحول المدفوعات إلى مفردات داخل الحساب الجاري هو تجديد من نوع خاص يترتب عليه انقضاء الالتزام الأصلي ولا ينشأ الالتزام الجديد فورا بمجرد انقضاء الالتزام الأصلي وإنما عند قفل الحساب على أن القول بأنه تجديد من نوع خاص أو شبه تجديد هو اعتراف من جانب أنصار هذا الرأي بعدم انطباق نظرية التجديد ويؤيد جانب من الفقه العربي النقد الموجه لنظرية التجديد باعتبار أن ما يحل محل الدين القديم عنصر حسابي في الحساب الجاري، لا يعتبر حقا ولا دينا بل يبقى مصيره مرتبطا بسائر المفردات المقيدة في الحساب فهو ليس مديونية وإنما أحد العناصر التي تسهم في تحديد المديونية بعد قفل الحساب بل ويذهب بعضهم إلى أن قيد المدفوع في الحساب الجاري يعد تجريد للالتزام وليس تجديدا له فالتجديد يفترض أن يحل محل الالتزام الأصلي بينما التجريد لا يقتضي ذلك، فيمكن أن يحول الالتزام الأصلي إلى بند مجرد يؤدي إلى انتفاء المديونية بمجرد القيد لكن القيد باعتباره عملا قانونيا يجب أن يكون صحيحا ولا يعد الذي نقول به نظاما قانونيا ولكنه في تقديرنا الأثر الحقيقي الذي يترتب الذي يترتب على قيد الالتزام في الحساب الجاري (1)
نظرية المقاصة المتتابعة :
يذهب القائلون بهذا الرأي إلى تكييف طبيعة تحول المدفوعات داخل الحساب الجاري إلى مفردات على أنها نتيجة عمليات مقاصة متتابعة لأن كل مدفوع يدخل الحساب ينقضي انقضاء كلي أو جزئي تبعا لقيد مدفوعات أخرى وتبعا لذلك فإن انقضاء المدفوعات يترتب على عمليات المقاصة المتتالية هذه النظرية تفسر طريقة القيد المحاسبي للحساب الجاري ذلك ان البنك كلما أجرى قيد مدفوع في الحساب أجرى قيدا يبين الرصيد بمناسبة قيد كل عملية والمقصود ببيان الرصيد هو تحديد مركز العميل عقب كل عملية ولكن لا تفسر نظرية المقاصة المتتابعة تحول المدفوعات إلى مفردات داخل الحساب لأنه لا يترتب على هذه المقاصة المحاسبية أن يتحدد المركز القانوني للعميل فليس للعميل ان يطالب بالرصيد بمجرد قيد مدفوع من المدفوعات، وليس للعميل حق المطالبة إلا بمقدار الرصيد عند قفل الحساب عندئذ تجرى عملية مقاصة واحدة تشمل مجموع عناصر الجانب المدين للحساب ومجموع عناصر الجانب الدائن (2) .
ولقد كانت هذه النظرية هي الأخرى عرضة للانتقاد لأن هناك فرق بين نظرية المقاصة ونظرية تحول الدين إلى بند في الحساب الجاري.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) د هاني محمد دويدار، المرجع السابق، ص 347-348
(2) د عزيز العكيلي، المرجع السابق، ص 335
فالمقاصة تفترض من جملة شروطها تقابل دينين ينقضيان بمقدار الدين الأقل منهما، بينما في الحساب الجاري لا تكون الديون متقابلة دائما فقد يكون رصيد الحساب في وقت ما لصالح أحد طرفيه، ثم يلقي فيه هذا الطرف دفعة جديدة فلا يكون عندئذ تقابل بين الدينين أي أن شروط المقاصة لا تكون متحققة ومع ذلك فإن الدين يتحول إلى بند في الحساب الجاري ومن جهة أخرى أن تطبيق نظرية المقاصة من شأنه أن يؤدي في حال عدم التساوي في القيمة بين الدينين المتقابلين إلى استمرار تأمينات الدين الأكبر قيمة في حين أن من شأن الحساب الجاري أن يسقط الضمانات والتأمينات لذلك لا يجوز الأخذ بنظرية المقاصة على علاتها وهذا ما قال به كل من روبلو و ريبير (1) .
النظرية الحديثة :
تسود نظريتي التجديد والمقاصة الأحكام العامة المقررة في القانون المدني وهذه الأحكام إن كانت مصدرا يمكن الاستناد إليه لشرح بعض النظريات القانونية إلا أنه لا يصح اعتمادها كما هي من أجل بحث قاعدة تحول الدين إلى بند في الحساب الجاري. لأن هذا الحساب ينطوي على ميزات وآثار خاصة تجعل منه نظاما مستقلا خاضعا للقواعد المقررة بشأنه في القانون التجاري وفي الأعراف التجارية واجتهادات القضاء، ولا يمكن تفسير قاعدة تحول الدين إلى بند في الحساب الجاري على أساس أية نظرية مدنية أو حتى تجارية بل لابد من الاستنتاج ان لهذا الحساب طابعه ومميزاته الخاصة كما وصفه ريبير وروبلو وكما وصفه تاليير (2) .
الاستثناءات الواردة على قاعدة تغيير صفة الدين :
لكي يتحول الدين إلى بند في الحساب الجاري بعد قيده في هذا الحساب يفترض أن يكون صحيحا ولا يشوبه أي عيب من عيوب البطلان أما إذا كانت الدفعة غير صحيحة تشوبها العيوب فلا يؤدي إدخالها في الحساب الجاري إلى محو عيوبها واعتبارها صحيحة ومنتجة لآثارها بل لابد من إجراء تصرف يؤدي إلى المحافظة على حقوق أصحاب العلاقة، ويكون ذلك بإلغاء القيد غير الصحيح عن طريق إجراء قيد معاكس ولكي يتم إجراء القيد العكسي لابد من النظر إلى الدفعة كدين مستقل مع ماله من صفات خاصة أساسية أما الحالات التي يتحقق فيها القيد العكسي فتشكل استثناء على القاعدة الأساسية تتمثل هذه الحالات فيمايلي(3)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) إلياس ناصيف، المرجع السابق، ص 500
(2) المرجع نفسه، ص 501
(3) المرجع نفسه، ص 501-502

1-   بطلان وانتهاء الدين الأصلي : عندما يكون الدين الأصلي باطلا لانطوائه على أحد أسباب البطلان أو عندما ينتهي الدين بسبب قانوني لا يجوز الإدلاء بأن هذا الدين قد اندمج في الحساب الجاري وتحول إلى بند فيه، لأن ذلك من شأنه أن يكرس وضعا غير مشروع ويغطي بطلان لابد من إظهاره وإعطائه مجراه القانوني بل يجب النظر إلى صفاته الأصلية واعتباره دينا مستقلا عن الحساب الجاري. أما أسباب البطلان فكثيرة نذكر منها : عدم مشروعية موضوع أو سبب الدين، كما قد ينتهي الدين لسبب من أسباب الانتهاء كإيفاء الدين مثلا فإذا تحققت شروط إبطال أو انتهاء الدين لابد من تسوية القيد الواردة في الحساب الجاري ويتم ذلك بإجراء قيد عكسي يلغي القيود الواردة الممثلة للدين الباطل أو المنتهي .
2-   قابلية الدين للتخفيض : عندما يكون الدين الأصلي بعد قيد قيمته في الحساب الجاري قابلا للتخفيض فيجرى التخفيض بقيد معاكس أيضا. ويكون ذلك مثلا قيمة لو كان أحد طرفي الحساب بائعا والطرف الآخر مشتريا ثم يتبين في المبيع عيبا وقضت المحكمة بتخفيض الثمن بسبب هذا العيب فلا يجوز عندئذ للبائع أن يتذرع بأن الدين قد زال بتحوله إلى بند في الحساب الجاري بل لابد من تصحيح القيد بإجراء قيد عكسي يتناول قيمة التخفيض المقررة من قبل المحكمة .               
3-   خصم السندات التجارية : إن السندات التجارية المقيدة في الحساب بعد خصمها تجري بلا قيود معاكسة إذا طالب المظهر له المدينين بإلغاء قيمتها في الاستحقاق وامتنعوا عن الدفع
الفرع الثاني : عدم قابلية الحساب الجاري للتجزئة
يعتبر هذا المبدأ من المبادئ التي يقوم عليها النظام القانوني للحساب الجاري كما استقر عليه العرف المصرفي وطبقه القضاء وأيده الفقه .
ويقصد بعدم قابلية مفردات الحساب الجاري للتجزئة أن الحق (المدفوع) عندما يقيد كمفرد في الحساب الجاري يتداخل ويرتبط مع القيود الأخرى بحيث تصبح جميع القيود بمثابة كل لا يتجزأ أي أن هذه المدفوعات تنصهر في بوتقة هي الحساب الجاري ومن ثم لا يجوز لأي طرف من طرفي الحساب أن يعتبر مدفوعا معينا حقا له ويطالب الطرف الآخر الوفاء به أو يتمسك بالمقاصة بينه وبين مدفوع آخر في الحساب ويقفل فتتم تسوية مرة أخرى بإجراء مقاصة بين قيود (مفردات) الجانب الدائن وقيود (مفردات) الجانب المدين وفي هذا


الوقت يتحدد أي الطرفين هو الدائن وأيهما المدين (1) .
ويعتبر هذا المبدأ نتيجة منطقية لمبدأ تحول المدفوعات في الحساب الجاري وهو يقوم على افتراض اتجاه قصد الطرفين إلى تسوية المدفوعات المدرجة في جانب الأصول وفي جانب الخصوم من الحساب بعملية مقاصة واحدة تقع عند قفل الحساب وتسويته (2) .
وتؤدي قاعدة عدم تجزئة الحساب الجاري إلى نتائج مهمة ولعل أهداف الاجتهاد في استنباط هذه القاعدة كانت من أجل تبرير النتائج العملية لها وأهم هذه النتائج هي التالية :
1)   اندماج كل مفرد يقيد في الحساب الجاري مع بقية المفردات المقيدة فيه بحيث يتكون من مجموعها وحدة متماسكة، فلا يجوز بعد هذا الاندماج لأي من الطرفين مطالبة الآخر بالوفاء بأحد بنود الحساب وإنما عليه الانتظار إلى حين قفل الحساب واستخراج الرصيد فإذا كان دائنا (بالنسبة إليه كان له حقه في المطالبة به).
2)   إذا قدم أحد الطرفين مبلغا من النقود وقيده في الحساب لا يمكن اعتبار هذا الدفع بمثابة وفاء لأنه ليست هناك ديون في الحساب الجاري يمكن الوفاء به .(3)
3)   لا يجوز إجراء المقاصة بين هذه المفردات طيلة بقاء الحساب مفتوحا وإلى حين غلقه واستخراج الرصيد النهائي الذي يتحدد به الطرف المدين والطرف الدائن .
4)   لا يسري التقادم على الرصيد بعد تحديده عند قفل الحساب وهذا الأثر نتيجة لتحول المدفوعات المدرجة في الحساب إلى مفردات لأن المدفوع لا يعد دينا قائما وإنما هو جزء من كل لا يتعين ألا عند قفل الحساب وتسويته
5)   تطبيقا لهذا المبدأ إذا أصدر العميل شيكا على هذا الحساب فإنه يكون بدون رصيد لأنه لا يمكن للساحب أن يدعي أنه دائن أثناء تشغيل الحساب، والشيك يجب أن يكون له رصد (مقابل وفاء) قائم وكاف وقابل للسحب وقت إصدار الشيك. (4)
ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) د عبد الرحمان السيد قرمان، المرجع السابق، ص 306
(2) د عزيز العكيلي، المرجع السابق، ص 337
(3) د هاني محمد دويدار، المرجع السابق، ص 348-349
(4) د عبد الرحمان السيد قرمان، المرجع نفسه، ص 307


6)   عدم جواز الحجز على مفرد من مفردات الحساب أثناء تشغيله وعلى ذلك لا يجوز لدائني أي من الطرفين أن يتخذ إجراءات حجز ما للمدين لدى الغير على مدفوع لمدينه أدرج في الحساب لأن الحجز يجب أن يوقع على مال مملوك للمحجوز وعليه وأثناء تشغيل الحساب لا يعرف أي من طرفيه دائن وأيهما مدين حيث لا يتحدد مركزهما إلا عند قفل الحساب واستخلاص الرصيد. حيث يظل مركز كل منهما يتراوح بين الدائنية والمديونية حتى يقفل الحساب ويتم استخلاص الرصيد ويتعين عندئذ مركز كل منهما إزاء الآخر. (1)
ولما كان التطبيق المجرد لمبدأ عدم تجزئة المفردات في الحساب الجاري يؤدي إلى صعوبات ومشكلات تكاد تذهب بالغرض الذي وجد من أجله الحساب الجاري حيث من شأن ذلك تعطيل مصلحة طرفي الحساب والإضرار بالغير الذي يريد الحجز على أي منهم فقد اجتهد القضاء منذ عهد بعيد للتخفيف من هذه الآثار بعد أن وجهت لهذا المبدأ سهام النقد وقد تمثل هذا التخفيف في الاعتراف للعميل بحق التصرف في الرصيد المؤقت الذي يظهر عند إجراء القطع الدوري للحساب وكذلك إجازة الحجز على الحساب الجاري قبل قفله. (2)  
1-   حق التصرف في الرصيد المؤقت للحساب :
قد يتفق الطرفان على تحديد رصيد للحساب الجاري في كل فترة زمنية يحددها الاتفاق ولا يعد تحديد الرصيد قطعا للحساب الجاري لانه ليس هناك ثمة تصفية فعليه تتم كل ما الأمر أن الطرفين يبغيان تحديد مركزهما من الحساب بصفة دورية فقد يبتغي كل منهما عدم تجاوز حد معين من المديونية عند تصفية الحساب فيكون لحاجة إلى العلم في كل حين بموقفه من رصيد الحساب وعادة ما يكون الإعتداد بالرصيد المؤقت رهين بإرادة الطرفين.(3)
وتطبيقا لقاعدة عدم التجزئة لا يترتب على الرصيد المؤقت أي أثر قانوني إلا أن القضاء الفرنسي استثناء على القاعدة أخذ يقر للرصيد المؤقت ببع ض الآثار القانونية نذكر منها على سبيل المثال. (4)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) د عزيز العكيلي، المرجع السابق، ص 338
(2) د عبد الرحمان السيد قرمان، المرجع السابق، ص 308
(3) د هاني محمد دويدار، المرجع السابق، ص 349
(4) إلياس ناصيف، المرجع السابق،ص 505
1.    يجوز لعميل البنك سحب شيكات على رصيد حسابه المؤقت أثناء تشغيله وقبل قفله متى كان دائنا بالنظر إليه وكان الرصيد المؤقت يتضمن مؤونة كافية للإيفاء إلا أن التسليم بهذا المبدأ يفترض أن العميل ساحب الشيك أو السند هو دائن للمصرف المسحوب عليه بالرصيد أو المؤونة وهذا ما يتعارض مع قاعدة عدم التجزئة التي لا يعتبر معها أي الطرفين دائن أو مدين للآخر إلا عند قفل الحساب وإظهار رصيده النهائي.
2.    إذا كان الرصيد المؤقت دائنا بالنسبة إلى البنك جاز له الطعن في تصرفات العميل المدين بدعوى عدم نفاذ تصرفاته متى تحققت شروطها أو ما تسمى بالدعوى البولصية أو البوليانية .
3.    إذا كان طرفي الحساب شركة وجب قيد الرصيد المؤقت في ميزانيتها في جانب الأصول إذا كان الرصيد دائنا بالنسبة إلى الشركة وفي جانب الخصوم إذا كان الرصيد مدين بالنسبة إليها نظرا لأهمية هذا القيد في تحديد أرباح الشركة الصافية للسنة المالية المنقضية .
4.    حق مطالبة الشركاء الخارجين من شركة التضامن من دفع رصيد الحساب .
5.    تقديم المؤسسة التجارية لشركة
6.    الشركة الزوجية والهبة بمناسبة الزواج
7.    اعتبار الرصيد المؤقت مشمولا بتأمين
إن الاستثناءات المبينة أعلاه هي عبارة عن حالات تشكل شواذا على قاعدة عدم تجزئة الحساب الجاري ولكنها عرضت على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر باعتبار أن القضاء من شأنه أن يلطف جمود القواعد القانونية ويضفي عليها المرونة العملية التي تؤدي إلى صوت العدالة وإحقاق الحق منتقلا من مادية القواعد القانونية إلى روح النصوص التي وضعت في خدمة المجتمع ولا يمكن وضع أي قيد أو حصر لاستنباطات القضاء التي لا حصر ولا حدود لها، إلا أن النظرة العميقة إلى الاستثناءات المذكورة على قاعدة عدم التجزئة يتبين منها عدم المساس بجوهر هذه القاعدة لأنها تنحصر بالنظر إلى الحساب الجاري أثناء سيره نظرة سريعة لا تعيق سيره بل تساعد على معرفة حقيقة وضعية هذا الحساب ومركز كل من الطرفين المؤقت من أجل رؤيته بوضوح، وانتظام العمليات المتبادلة بين الطرفين وضمان سير الحساب ضمن الحدود التي قبلا بها، فغاية الاستثناءات المذكورة إذا لا تعارض مع جوهر قاعدة عدم التجزئة ومما يدعم هذا الرأي أن الاستثناءات بقيت محصورة ضمن نطاق ما تفرضه قاعدة عدم التجزئة من عدم الاعتداد بالمديونية التي تظهر أثناء تشغيل الحساب الجاري. (1)
2-   الحجز على الحساب الجاري :
تقدم أن الحساب الجاري بما يتضمنه من مفردات يعد وحدة غير قابلة للتجزئة، لذا فمن النتائج المنطقية لقاعدة عدم التجزئة عدم جواز الحجز على الرصيد المؤقت وقد أكدت محكمة النقض الفرنسية هذه النتيجة في حكمها بتاريخ 23 كانون الثاني 1922. ولعل من أسباب عدم جواز الحجز على الرصيد المؤقت أن هذا الحجز يقتضي إقرار المحجوز لديه بما في ذمته والمحجوز لديه ليس في ذمته شيء للطرف الآخر في الحساب إذ لا يوجد أثناء تشغيل الحساب حق أو دين أو دائن أو مدين. وقد استقر القضاء على هذا الرأي فترة من الزمن إلا أن بعض الفقهاء قاموا بانتقاد مبدأ عدم جواز الحجز على الرصيد المؤقت بالنظر إلى ما يترتب عليه من نتائج ضارة بالدائنين، فما دام المدين في مأمن من الحجز على المدفوعات في الحساب الجاري، فقد يعمد المدين إلى جعل أمواله مدفوعات في حسابات جارية وبذلك يجعلها في منأى عن متناول الدائنين، وأن يباشر المدين عمليات من شأنها ألا يسفر الحساب الجاري عن رصيد دائن عند قفله وقد تأثر القضاء بهذا النقد وأصبحت أحكام المحاكم الفرنسية تميل إلى مراعاة مصلحة الدائنين دون المساس بقاعدة عدم تجزئة مفردات الحساب الجاري. (2)
حيث اعتمدت المصارف الحلول التي أقرتها هذه الانتقادات والاستنباطات وأخذت تعتد بها بحيث أنها تعمد إلى قطع الحساب الجاري حتى يتبين الرصيد النهائي عندما تتلقى إعلانا بالحجز على الحساب، فإذا كان الرصيد لصالح المصرف، يكون الحجز غير ذي موضوع ولا يعتد المصرف به بل يستمر الحساب بين الطرفين على الأسس المعتمدة بينهما، أما إذا ظهر الرصيد لصالح العميل فيقوم المصرف عندئذ بتجميد الحسابBlocage de compte حتى تتخذ المحكمة قرارها فتحكم إما برفع الحجز ومتابعة سير الحساب أو بصحة الحجز وإيفاء قيمة الرصيد للدائن الحاجز. (3)
إلا أن الأحكام القضائية التي ناهضت فكرة عدم التجزئة مراعاة لمصلحة دائني الأطراف في الحساب الجاري واتقاء لفكرة الغش والتحايل على القانون لم تنج من الانتقادات لتعارضها مع قاعدة أساسية في الحساب الجاري لا يمكن تجاوزها والاستغناء عنها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) إلياس ناصيف، المرجع السابق، ص 508-509
(2) د عزيز العكيلي، المرجع السابق، ص 339-340
(3) إلياس ناصيف، المرجع نفسه، ص 510
لأنه يجب النظر إلى مراعاة المصالح العامة المرتبطة بقواعد الحساب الجاري، لا مصالح الأطراف الدائنين في هذا الحساب فقط، لأن الأضرار الناتجة عن هدر المصالح العامة المرتبطة بجوهر الحساب الجاري قد تكون أشد وأدهى أثرا من مراعاة مصالح الأطراف الدائنين في هذا الحساب الذي ترتبط به مصالح كل من طرفيه وهما المصرف والعميل وأن عدم مراعاة قاعدة عدم تجزئة الحساب الجاري من شأنه أن يؤدي إلى الحجز على الرصيد المؤقت للحساب ووقف العمليات التجارية وعمليات الائتمان بين الطرفين، وقد يكون ذلك في وقت غير ملائم يؤدي إلى زعزعة الثقة واضطراب الأعمال التجارية والحذر في الخدمات التي تؤديها المصارف إلى رجال الأعمال. (1)
إذ يذهب جانب من الفقه إلى أن مسألة توقيع الحجز على الرصيد المؤقت تتعلق بمصلحة الدائنين كما أنها تتعلق باعتبارات اقتصادية تتطلب حماية التاجر المدين وتمكينه من استعمال نظام الحساب الجاري بكيفية تكفل دعم النشاط التجاري وأن الأمر يقتضي الملائمة بين هاتين المصلحتين بحيث لا يفاجأ التاجر بتوقيع حجز على حسابه الجاري مما يعطل أعماله التجارية، لهذه الاعتبارات الاقتصادية الجوهرية يرى هذا الجانب من الفقه بعدم جواز الحجز على الرصيد المؤقت إلى أن يقفل الحساب هذا ما لم ينطو فتح الحساب واستمرار تشغيله على غش سيترتب عليه إلحاق الضرر بالدائنين على أن بعض التشريعات العربية لم تترك هذه المسألة للاجتهاد الفقهي والقضاء وإنما أجازت بعضها توقيع الحجز على ما للمدين من رصيد دائن في الحساب الجاري ومنها (قانون التجارة العراقي، قانون التجارة الكويتي، قانون التجارة المصري، قانون التجارة الليبي) في حين لم تجز بعضها الآخر ذلك ومنها (قانون سرية المصارف اللبناني لعام 1956 م 04). (2)
وبغية التوفيق بين مصالح الأطراف الدائنين في الحساب الجاري من جهة والأحكام المرتبطة بقاعدة عدم التجزئة من جهة أخرى لابد للمحاكم قبل التسليم بمبدأ الحجز على الرصيد المؤقت أن تنظر إلى التوفيق بين المصالح المتباينة وتقرر على ذلك جواز الحجز أو عدمه وهي تتمتع من أجل ذلك بسلطة واسعة التقدير. (3)
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) إلياس ناصيف، المرجع السابق، ص 510-511
(2) د عزيز العكيلي، المرجع السابق، ص 341-342
(3) إلياس ناصيف، المرجع نفسه، ص 511


المطلب الثالث : قفل الحساب الجاري
يخضع الحساب الجاري للقواعد العامة في الحسابات المصرفية من حيث تشغيله وقطعه ووقفه ويعني قفل الحساب الجاري وقف سيره نهائيا وتصفيته، ويتم ذلك بإرادة الطرفين كما هو الأمر في قفل حساب الودائع، وذلك عند حلول الأجل المتفق عليه عند فتح الحساب إذا لم يتفق الطرفان على تغيير أجله تعجيلا أو تأجيلا أو لأحد الأسباب القانونية التي تؤدي إلى انتهاء العقد وإذا كان العقد لمدة غير محددة فكل من الطرفين أن يضع حدا له بعد إنذار الطرف الآخر. ويختلف قفل الحساب الذي يتخذ طابعا نهائيا عن وقفه المؤقت الذي يتم بصورة دورية أثناء سير الحساب .
الفرع الأول : الوقف الدوري أو المؤقت للحساب الجاري
الأصل أن يستمر الحساب الجاري مفتوحا وتدرج فيه المدفوعات دون انقطاع إلى وقت قفله ومع ذلك فقد جرى العمل المصرفي على استخراج الرصيد المؤقت للحساب الجاري بعد قيد كل عملية فيه من أجل تحديد مركز طرفيه في الرصيد المؤقت دائنا كان دائنا أم مدينا لهذا الرصيد وبالإضافة إلى ذلك فإن البنوك تقوم بوقف الحساب مؤقتا في مواعيد دورية معينة لتحديد رصيده المؤقت وترسل كشفا بذلك للعميل الذي قد يوافق عليه أو يعترض خلال فترة زمنية محددة وإلا يعد عليه موافقا ضمنيا. (1)
ومن شأن الوقف المؤقت للحساب الجاري أن يظهر رصيده بتاريخ الوقف لكي ينتج ابتداء من هذا التاريخ فوائد على هذا الرصيد لمصلحة الطرف الدائن في الحساب الجاري بالسعر المتفق عليه في عقد الحساب إذا نقل هذا الرصيد إلى حساب جديد مهما كان نوعه وإلا حسبت الفائدة بالمعدل القانوني كما أن الرصيد المؤقت يكون مستحق الأداء بناءا على طلب العميل إذا كان دائنا لهذا الرصيد بتاريخ الوقف. (2)
الفرع الثاني : أسباب قفل الحساب الجاري
يظل عقد الحساب الجاري مفتوحا طوال المدة المتفق عليها إلا أن الحساب الجاري ينتهي ويقفل لأحد الأسباب التالية : (3)
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) د عزيز العكيلي، المرجع السابق، ص 343
(2) المرجع نفسه، ص 344
(3) إلياس ناصيف، المرجع السابق، ص 516-517

·       حلول الأجل : عندما يكون عقد الحساب الجاري باتفاق الطرفين لمدة محدودة فإنه ينتهي ويقفل بانتهاء هذه المدة ولكن يجوز للطرفين الاتفاق على تقصير المدة أو تمديدها، إنما لا يجوز لأحدهما أن يفسخ العقد بإرادته المنفردة قبل حلول الأجل المتفق عليه، وقد يتم تمديد العقد باتفاق صريح أو ضمني ويستنتج الاتفاق الضمني من استمرار الطرفين بالتعامل بالحساب الجاري وقيد المدفوعات المتبادلة .
·       بالإرادة المنفردة لأحد الطرفين : عندما يكون الحساب الجاري قد أنشء لمدة غير محددة فيحق لأي من الطرفين أن يضع حدا له ويتم ذلك بعد إنذار الطرف الآخر وفقا لشروط الاتفاق أو للعرف المتبع على أن يحصل هذا الإنذار ضمن مهلة معقولة وضمن ظروف مناسبة لا يرافقها إساءة لاستعمال الحق لو حصل الفسخ من قبل أحد الطرفين بصورة مفاجئة أدت إلى إلحاق الضرر بالفريق الآخر إذ يعتبر الطرف الذي فسخ العقد عندئذ مسؤولا وملتزما بالتعويض عن الأضرار تجاه الفريق الآخر
·       وفاة أحد الطرفين أو فقد أهليته : لما كان الحساب الجاري شأنه شأن كافة الحسابات كافة الحسابات المصرفية يقوم على الاعتبار الشخصي أي الثقة المتبادلة بين البنك والعميل وجب قفله عند وفاة العميل أو الحجز عليه، أما إذا أراد الورثة الاستمرار في التعامل بالحساب الجاري مع الطرف الآخر فعليهم أن يبرموا عقدا جديدا ويعتبر حل الشخص المعنوي معادلا لوفاة الشخص الطبيعي أو فقد أهليته ويؤدي حله إلى انتهاء عقد الحساب الجاري أيضا ولكن بما أن الشخصية القانونية المعنوية تستمر بعد حلها أثناء مرحلة التصفية ولأجل حاجاتها فقط فإنه قد يكون بوسع المصفي تشغيل الحساب الجاري في حدود حاجات التصفية .
·       إفلاس أحد الطرفين : ينتهي عقد الحساب الجاري بإفلاس أحد الطرفين ويجب أن يعتمد تاريخ الحكم بإعلان الإفلاس من أجل تحديد تاريخ إقفال الحساب وإجراء عمليات التصفية وقد يتحصل المفلس بعد إعلان الحكم بالإفلاس على توقيع الصلح مع جماعة الدائنين ويؤدي ذلك إلى إنهاء حالة الإفلاس ولكن إذا كان هذا الصلح ليس من شأنه أن يحيى عقد الحساب الجاري إنما أراد المفلس الذي عقد صلحا مع الدائنين أن يتعامل معهم بالحساب الجاري فعليه أن يعقد اتفاقا جديدا معهم لهذه الغاية لأن الاتفاق السابق يكون قد انتهى أثره بالإفلاس. ولكن طلب الصلح الواقي من أحد الطرفين وتوقيع عقد الصلح هذا ليس من شأنهما أن يؤديا حكما إلى انتهاء الحساب الجاري لأن طلب الصلح وتوقيعه ليس من شأنهما أن يؤديا إلى فقد أهليته طالب الصلح بل إلى تجنبه الوقوع بالإفلاس، ولكن عقد الحساب الجاري ينتهي بالصلح الاحتياطي بناء على شرط يدرج في عقد الاتفاق ويخول بمقتضاه الطرف الآخر قفل الحساب عند حدوث الصلح أو عندما يكون الحساب مفتوحا لمدة غير محدودة ويعلن الطرف الآخر عن رغبته في إنهاء الحساب بمناسبة طلب الصلح الاحتياطي أو توقيعه
الفرع الثالث : آثار قفل الحساب الجاري
ينتج عن قفل الحساب الجاري النتائج التالية : وقف التعامل به نهائيا وتصفيته لاستخراج رصيده النهائي إضافة إلى بعض الأحكام الخاصة في حالة إفلاس أحد الطرفين.
1-   وقف التعامل بالحساب الجاري نهائيا : يؤدي إقفال الحساب الجاري إلى وقف جميع العمليات بمدفوعاته فإذا تمت أية دفعة بعد إقفاله، فإن هذه الدفعة لا تدخل فيه وإذا أراد الطرفان إدخال الدفعات في الحساب الجاري توجب عليهما عقد اتفاق جديد لهذه الغاية وعندئذ يدخل الرصيد النهائي للحساب الذي تم إقفاله في الحساب الجاري الجديد المتفق عليه كبند في هذا الحساب. (1)
2-   تصفية الحساب الجاري : بعد وقف التعامل بالحساب الجاري تجرى تصفية هذا الحساب وتعني التصفية إظهار الرصيد النهائي للحساب الجاري، ويتم ذلك بجمع البنود المدرجة في جانب الأصول ، والبنود المدرجة في جانب الخصوم ، ثم طرح المجموع الأقل من المجموع الأكبر ، أي يتم إجراء المقاصة بينهما لاستخراج الرصيد ، ويتعين رصيد كل من الطرفين بالنسبة للآخر فيكون احدهما مدنيا والآخر دائنا. 
وعلى ذلك فالمقاصة النهائية لا تتم ما دام تشغيل الحساب مستمرا، عملا بمبدأ عدم قابلية الحساب للتجزئة. ومتى تم قفل الحساب وتحدد الرصيد وجب إقراره بين الطرفين إما صراحة أو ضمنا. فإذا أرسل البنك كشف الحساب النهائي للعميل ولم يعترض عليه ، فإن ذلك يعد قرينة على القبول لأن السكوت في معرض الحاجة بيان ويعد قبولا. كما يعد إرسال البنك كشف الحساب إلى العميل قرينة على قبوله لهذا الكشف.(2) وتختلف طرق إثبات القبول باختلاف ما إذا كان الحساب بين تاجرين أم لا. ففي الحالة الأولى يمكن إثبات القبول بكافة طرق الإثبات ، أما إذا كان الطرف المشترط قبوله غير تاجر ، فيجب أن يتم القبول وفقا للأحكام العامة في القانون المدني.(3) ويعد دين الرصيد مستحق الأداء، إلا إذا اتفق الطرفان على ترحيله إلى حساب جديد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) إلياس ناصيف، المرجع السابق، ص 517
(2) د عزيز العكيلي، المرجع السابق، ص 345
(3) إلياس ناصيف، المرجع نفسه، ص 518 
وينتج دين الرصيد فائدة تسري ابتداء من يوم تصفية الحساب حسب سعر الفائدة المتفق عليهما في عقد فتح الحساب، فإذا لم يتفق الاتفاق على سعر معين تحسب الفائدة بالسعر القانوني . ويجوز لدائني الدائن في الرصيد توقيع الحجز عليه تحت يد البنك عن طريق حجز ما للمدين لدى الغير.(1) ويتحول الرصيد النهائي بعد تصفية الحساب إلى دين عادي فيخضع عندئذ للقواعد العامة.
وبعد تصفية الحساب من قبل أحد طرفيه وقبول الطرف الآخر به يصبح رصيد الحساب نهائيا، ولا يجوز إعادة النظر فيه، عملا بمبدأ سلطان الإرادة باعتبار أن العقد شريعة المتعاقدين إلا في حالتين:
أ- وقوع أخطاء مادية فيه أو حصول إغفال أو تكرار في إحدى العمليات:
  ففي هذه الحالات يصح طلب تصحيحه، وقد تقام الدعاوى من أجل ذلك في مهلة 06 أشهر . وما يقصد بالأخطاء هنا هي الأخطاء المادية ، وليست الأخطاء القانونية ، لذلك رأى القضاء أن الدعاوى التي تقام من أجل تخفيض معدل الفائدة أو اعتبارها غير متوجبة عن مدة معينة تعتبر غير مسموعة. وكذلك الأمر عندما يكون النزاع قائما حول طبيعة العملية وما إذا كانت عقد قرض عادي أو فتح اعتماد بسيط ، أو أنها تنطوي على حساب جار ، أما مهلة 06 أشهر فهي مهلة إسقاط حق لا مهلة مرور زمن.(2)
ب- الغش : يجوز أن يجري التصحيح أيضا عندما يكون القبول بالرصيد النهائي قد شابه الغش ، ولكن يشترط لقبول التصحيح في هذه الحالة أن يكون الطلب واضحا ومبنيا على أسباب مستحدثة ومبينا نوع الغش أو الخداع الذي أدى إلى الوقوع في الغلط ، كالتزوير مثلا ، أو إجراء قيد مزدوج عن قصد ، وأن يكون الطلب واردا على بنود معينة في الحساب الجاري لا على الحساب بمجموعه ، وذلك خوفا من أن يتخذ التصحيح ذريعة لإعادة النظر في الحساب بأكمله. 
وفي الأصل يعتبر الحساب الجاري وحدة قائمة بذاتها سواء من حيث تشغيله أو من حيث إقفاله وتصفيته. لذلك لا يصح إجراء المقاصة بين الأرصدة النهائية لحسابات متعددة تعود لشخص واحد، وهذا ما يؤدي إلى الإضرار بأحد طرفي الحساب في حالة إفلاس الطرف الآخر لأنه يكون مضطرا إلى دفع الرصيد المدين بكامله لتفليسة الطرف الآخر، وإلى قبض الرصيد الدائن من هذه التفليسة بنسبة ما يستطيع الحصول عليه من توزيعاتها.
ــــــــــــــــــــــــــ
(1) د عزيز العكيلي، المرجع السابق، ص 345
(2) إلياس ناصيف، المرجع السابق، ص 519
وخوفا من حصول هذه النتائج بالتالي من إلحاق الأضرار بالمصارف المتعاملة بالحسابات الجارية مع عملائها، عادة ما تلجأ المصارف إلى إدراج شروط في الاتفاقيات التي تعقدها مع عملائها تقضي بتوحيد الحسابات ودمج نفداتها عند إقفالها، وبإجراء المقاصة بينها لاستخلاص وضع وحيد دائن أو مدين، وهذه الشروط من شأنها إنشاء حساب جاري موحد رغم تقسيمه إلى شعب في المحاسبة . ولكن الاجتهاد قد استقر على صحتها وخاصة عندما تحصل قبل أن يصبح احد الطرفين في الفترة المشبوهة (فترة الريبة) .(1)
3- إقفال الحساب الجاري نتيجة لإفلاس أحد الطرفين : يعتبر إفلاس أحد طرفي الحساب الجاري سببا لإقفال الحساب بحيث يمتنع بعد إعلان الإفلاس عن إجراء أي قيد جديد سواء في جانب الأصول أو في جانب الخصوم وعلى افتراض أنه قد جرى قيد دفعات جديدة بعد الحكم بالإفلاس فإن هذه الدفعات لا تدخل في الحساب الجاري ولا تتحول إلى بنود فيه ولا تندمج مع سائر الدفعات الحاصلة قبل الحكم بإعلان الإفلاس بل يستطيع الطرف الدافع استردادها من الطرف القابض وما على الطرفين إذا سوى تصفية الحساب الجاري بتاريخ إعلان الإفلاس وإظهار رصيده النهائي. فإذا تبين أن هذا الرصيد دائن بالنسبة للطرف غير المفلس توجب عليه أن يدفع قيمته كاملة لتفليسة الطرف الآخر الممثلة بوكيل التفليسة. أما إذا تبين أن الرصيد دائن بالنسبة للطرف المفلس فما على الطرف الآخر إلا التقدم به إلى التفليسة ضمن جماعة الدائنين وبذلك ينشا الحساب الجاري مركز ممتاز للطرف المفتوح لديه الحساب بالنسبة لسائر دائني الطرف الآخر المفلس وهذا الإفلاس ينتج عن قاعدتين :
أ- القيد العكسي للأوراق التجارية بعد إعلان الإفلاس :
قد يكون أحد طرفي الحساب مصرفا وقد يقوم هذا المصرف بخصم سند تجاري للطرف الآخر ويقيد قيمته في الحساب الجاري وعلى افتراض أنه قد قد أعلن إفلاس الطرف الآخر قبل تحصيل قيمة هذا السند فما هذا السند فما هي الأصول التي يحق للمصرف إتباعها للمحافظة على حقوقه ؟ فقد يلجأ المصرف إلى إتباع الطرق العادية أي الرجوع على الملتزمين الموقعين ما عدا المفلس بقيمة السند شرط أن ينظم احتجاجا في المهل القانونية وعندئذ يترتب عليه أن يدفع إلى وكيل التفليسة رصيد الحساب الجاري المدين. أما إذا كان السند غير مستحق عليه أن ينتظر تاريخ استحقاقه ليتمكن من ممارسة حق الرجوع على الملتزمين بالسند إلا أن المصرف قد يلجأ إلى هذه الطريقة لأن القانون قد أعطاه حقا آخر في حال إفلاس الطرف الثاني ومظهر السند.(2)
ــــــــــــــــــــــــــ
(1) إلياس ناصيف، المرجع السابق، ص 520
(2) المرجع نفسه، ص 522
وقد يلجأ المصرف إلى الطرق الخاصة والمتمثلة في القيد العكسي إذ يترتب على صدور حكم شهر الإفلاس قفل الحساب الجاري ومن ثم لا يجوز إجراء أي قيد في الحساب بعد هذا التاريخ وعلى ذلك إذا كان العميل قد قدم ورقة تجارية وقيدت كمدفوع في الحساب ثم صدر حكم شهر الإفلاس قبل أن يستوفي الطرف الذي فتح لديه الحساب قيمة هذه الورقة فالمفروض انه لا يجوز له إجراء أي قيد في الحساب وإنما عليه أن يدخل في تفليسة الطرف الآخر الذي قدم الورقة التجارية بقيمة هذه الورقة كدائن عادي يخضع لقسمة الغرماء ولما كان هذا الوضع يضر بالطرف المفتوح لديه الحساب فقد اجتهد القضاء في البحث عن سند لكي يقرر له الحق في إجراء قيد عكسي في الحساب يعادل ما سبق قيده عند تقديم الورقة التجارية وقد كان الأمر سهلا إدا وجد اتفاق بين البنك والعميل على قيد الورقة التجارية في الحساب تحت شرط التحصيل أما في حالة عدم وجود مثل هذا الشرط فقد حاول القضاء تأسيس حق البنك في إجراء القيد العكسي على فكرة الشرط الفاسخ أو على نظرية السبب.(1) إلا أن الأساس الصحيح الذي تستند إليه هذه الفكرة (القيد العكسي) هو الهدف الائتماني الذي يعطي المصرف مركزا ممتازا من شأنه أن يوحد الثقة أو الاستقرار في التعامل المصرفي.(2) ويعتبر هذا الوضع مركزا ممتازا للبنك يشجعه على قبول خصم الأوراق التجارية وتداولها دون الخشية من إفلاس الطرف الآخر في الحساب.
ب- إنشاء تأمينات خلال الفترة المشبوهة ضمانا للحساب الجاري :
تهدف قواعد نظام الإفلاس إلى تحقيق المساواة بين جماعة الدائنين إذ يترتب على صدور حكم الإفلاس على يد المدين عن أمواله والتصرف فيها حتى لا يتصرف تصرفات من شأنها الإضرار بالدائنين أو تفضيل بعضهم على بعض هذا بالنسبة للمستقبل أما بالنسبة للماضي فإن المشرع يقرر عدم نفاذ تصرفات المفلس خلال فترة الريبة سواء كان عدم نفاذ وجوبي أم جوازي المادة 247،249 من القانون التجاري الجزائري ومن حالات عدم النفاذ الوجوبي : كل تأمين لديون سابقة أي سبق التعاقد عليها قبل التوقف عن الدفع .
بالنسبة لتطبيق هذه الأحكام على الحساب الجاري فإنه يصطدم بمبدأ عدم تجزئة الحساب الجاري كمايلي : (3)
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) د عبد الرحمان السيد قرمان، المرجع السابق، ص 324-325
(2) إلياس ناصيف، المرجع السايق، ص 525
(3) المرجع نفسه، ص 528

لنفترض مثلا أن العميل المفلس قد أنشأ ضمانا للحساب الجاري خلال الفترة المشبوهة وفي وقت لاحق لإبرام عقد الحساب ثم بعد ذلك صدر حكم بإفلاسه. فأقفل الحساب وظهر رصيده المدين فما هو مصير الضمانة هل تعتبر صحيحة بسبب عدم قابلية الحساب للتجزئة أم تعتبر باطلة وتقع تحت طائلة نص المادة 249 من القانون التجاري الجزائري ؟
ولقد حصل صراع حاد في هذا الشأن بين المحافظة على مبدأ عدم تجزئة الحساب الجاري من جهة والمحافظة على مبدأ المساواة بين جماعة الدائنين من جهة أخرى. (1)    















ــــــــــــــــــــــــــــ
(1)            إلياس ناصيف، المرجع السابق، ص 527 إلى 531     

           الخاتمة
في الاخير نقول ان المشرع الجزائري على عكس التشريعات المقارنة لم يقم بتنظيم عملية التحويل المصرفي ولا الحسابات بالرغم من انها من العمليات المصرفية الشائعة .
ومن خلال بحثنا اتضح لنا ان المشرع الجزائري في الامر 03-11 المتعلق بالنقد و القرض وكذا الانظمة الصادرة عن مجلس النقد والقرض التي تحدد كيفيات تطبيق مواد هذا الامر وبالتحديد النظام رقم 94-13 الذي يحدد القواعد العامة المتعلقة بشروط البنوك المطبقة على العمليات المصرفية , قد ترك للبنوك والمؤسسات المالية حرية تنظيم العمليات المصرفية والزمها ان تبلغ زبائنها بالشروط التي تطبقها على العمليات التي تقوم بها بدليل انه ترك للبنوك حرية تحديد معدلات الفائدة وكذا العمولة المطبقة على العمليات المصرفية .
ونفس الشيء فيما يتعلق بالحسابات وفتحها وطرق استعمالها , لم يضع اي نص يتولى على الاقل وضع الاطار العام لفتحها وتشغيلها باستثناء بعض النصوص المتعلقة بفتح الحسابات لصالح القصر .
وبالتالي يمكن القول كذلك بانه ترك للبنوك حرية تنظيمها , وعلى ذلك يعتقد ان المشرع الجزائري قد قصر في هذا الجانب , لا سيما وان منح مثل هذه الحرية للبنوك قد ينجم عنه نوع من التعسف في تحديد معدلات الفائدة او العمولة  لصالحها, كما ان المتعامل مع البنوك قد يضيع حقه في ظل هذه الحرية الممنوحة للبنوك.
ومن خلال دراسة الحساب الجاري اتضح لنا انه يشتمل على الكثير من العناصر والتعقيدات مثل المدفوعات في الحساب الجاري واثاره , وهذه المسائل كان من الضروري تنظيمها ومعالجتها معالجة قانونية من طرف المشرع الجزائري مثلما فعلت التشريعات المقارنة.
وبما ان العمليات المصرفية بما فيها التحويل المصرفي والايداع والسحب تعد اساس النشاط الذي تقوم به البنوك والمؤسسات المالية وهي في ذلك تربطها علاقات بالافراد سواء كانوا اشخاص طبيعيين او معنويين.

                                                                                                                                      
            






هناك تعليقان (2):

  1. هل تحتاج إلى تمويل؟
    هل تحتاج إلى قرض للعمل أو للاحتياجات الشخصية وتمويل المشروع؟
    هل ترغب في إعادة تمويل عملك؟
    نحن نقدم قرضًا لكل شخص أو شركة بفائدة 3٪ سنويًا.
    لمزيد من المعلومات، يرجى الاتصال بنا عن طريق البريد الإلكتروني:
    contact@waheedfinance.com
    واتساب:+91 79757 16892
    اعتبار
    وحيد المالية



    Hello Everyone,
    Have you been looking for financing options for your new home purchase, construction, real estate loan, refinance, debt consolidation, personal or business purpose? Welcome to the future! Financing made easy with us. Contact us as we offer our financial service at a low and affordable interest rate of 3% for long and short loan term. Interested applicant should contact us for further loan acquisition procedures via:
    contact@waheedfinance.com
    What's App:+91 79757 16892
    Best Regards
    Waheed

    ردحذف